اقتراح أدلت به الصحفية الفرنسية اللبنانية ليا سلامة خلال برنامج إذاعي، فجر موجة غضب عارمة في الجزائر، بعد أن عرضت، مبادلة جماجم المقاومين الجزائريين المحفوظة في متحف الإنسان بباريس بالإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال المعتقل في الجزائر منذ أواخر عام 2024.
وجاء الاقتراح، في سياق مناقشة ملف الذاكرة الاستعمارية، وأعاد فتح جراح تاريخية لم تندمل بعد، واعتبره جزائريون تجاوزا خطيرا في حق رموز المقاومة الوطنية وتبسيطا فجا لمأساة استعمارية لا تزال تلقي بظلالها على العلاقات بين البلدين.
ووصف الدبلوماسي والوزير الجزائري السابق عبد العزيز رحابي الاقتراح بأنه “فضيحة”، وكتب على حسابه في منصة “إكس”: “صحفية تقترح استبدال تسعة آلاف جمجمة لمقاومين جزائريين في متحف الإنسان بباريس مقابل الإفراج عن صنصال.. هذه فضيحة”.
وجاء تصريح سلامة خلال استضافتها للكاتب الفرنسي كزافييه ليكلير، الذي أثار الجدل هو الآخر بكتابه الأخير “خبز الفرنسيين”، والذي وثق فيه فظائع الاستعمار الفرنسي في الجزائر، بما في ذلك ممارسات شنيعة كالخلط بين عظام المقاومين وعظام الحيوانات في أفران لصناعة السكر.
ورغم مطالبات الجزائر المستمرة باستعادة رفات شهدائها، لم تسترجع الجزائر حتى اليوم سوى 24 جمجمة، تمت إعادتها في يوليو 2020، من بين نحو 9 آلاف جمجمة لا تزال محتجزة في المتحف الفرنسي، في مشهد يعتبره الجزائريون رمزا متواصلاً للإهانة التاريخية.
وتأتي هذه التصريحات في سياق ضغوط فرنسية متصاعدة للإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال (80 عاما)، الذي يقضي عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات في الجزائر، بعد إدانته بتهمة “المساس بالوحدة الوطنية” إثر تصريح مثير للجدل قال فيه إن “الجزائر ورثت أراضي مغربية”، أثناء مقابلة مع قناة “فرونتيير” الفرنسية.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه قد دعا علنا إلى الإفراج عن صنصال، ما أثار انتقادات جزائرية واسعة اعتبرت الموقف الفرنسي “تدخلا سافرا” في القضاء الجزائري، وتحولا لقضية صنصال من مسارها القانوني إلى أداة سياسية ضمن ملف أكثر حساسية: الذاكرة الاستعمارية.
ورفضت جهات سياسية ومدنية جزائرية أي ربط بين ملف جماجم الشهداء وبين قضية صنصال، معتبرة المقترح الفرنسي “إهانة مزدوجة”، لكرامة المقاومين وللسيادة الجزائرية.
وفي فبراير الماضي، أطلق مجلس المنظمات الفرنسية الجزائرية عريضة تطالب بإعادة الجماجم فورا، مطالبا الرئيس ماكرون بالوفاء بتعهّداته السابقة في هذا الشأن. ويأتي ذلك في أعقاب مصادقة الجمعية الوطنية الفرنسية في ديسمبر 2023 على قانون يسمح بإعادة رفات المقاتلين الأجانب.
وتعود قصة الجماجم إلى فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، حين عمدت القوات الاستعمارية إلى قطع رؤوس عدد من قادة المقاومة الجزائرية، واعتبرت تلك الرؤوس “غنائم حرب” أُرسلت إلى باريس في القرن التاسع عشر، حيث لا تزال محفوظة حتى اليوم في متحف الإنسان.
ولم يُكشف النقاب عن وجود هذه الجماجم إلا في عام 2011، بفضل جهود المؤرخ الجزائري علي فريد بلقاضي، الذي تمكن من تحديد هويتها وتوثيق خلفياتها النضالية.
حملة جديدة تطالب بحظر مشاركة الفنان سعد لمجرد في مهرجان “موازين” المغربي