تعرضت بوركينا فاسو لهجوم إرهابي دموي من جماعة “نصرة الإسلام” في مدينة جيبو، أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص، وكشف الهجوم عن تصاعد التهديدات الأمنية وفشل الحكومة العسكرية في احتواء الأزمة، وسط تطورات جيوسياسية معقدة.
واجهت بوركينا فاسو أحد أخطر الهجمات الإرهابية منذ سنوات، حيث سيطرت جماعة “نصرة الإسلام” المتطرفة التابعة لتنظيم القاعدة على مدينة جيبو الإقليمية لساعات، في هجوم كشف عن تصاعد التهديد الأمني في منطقة الساحل الإفريقي وعجز الحكومة العسكرية عن احتواء الأزمة.
وفي هجوم متزامن على عدة جبهات، اجتاح المئات من المسلحين مدينة جيبو عاصمة إقليم إست في 15 مايو الجاري، مستهدفين القاعدة العسكرية الرئيسية والمدنيين المشتبه في تعاونهم مع الميليشيات الموالية للحكومة.
وتمكن المسلحون من إجبار القوات الجوية على الانسحاب باستخدام أسلحة مضادة للطائرات تم الاستيلاء عليها سابقاً من القواعد العسكرية.
ووفقاً لشهادات السكان المحليين التي نقلها التلفزيون الحكومي، أسفر الهجوم عن مقتل أكثر من 100 شخص، بينما زعمت جماعة نصرة الإسلام في بيان لها مقتل 200 جندي.
وجاء هذا الهجوم بعد أيام فقط من سلسلة هجمات منفصلة أسفرت عن مقتل 60 جندياً، مما يجعلها من أكثر العمليات دموية منذ مذبحة بارسالوغو في أغسطس 2024 التي خلفت مئات الضحايا.
وتحدث هذه الهجمات في منطقة تداخل نفوذ بين جماعتي “نصرة الإسلام” و”كتيبة ماسينا”، حيث تشير تقارير استخباراتية إلى أن اتفاقيات وقف إطلاق النار التي عقدتها الحكومة المالية مع كتيبة ماسينا مكنت الأخيرة من تحرير مواردها لتعزيز هجماتها عبر الحدود في بوركينا فاسو.
وكشفت مصادر أمنية غربية عن بدء الجماعات الإرهابية استخدام طائرات مسيرة مسلحة منذ مارس الماضي، في تطور خطير لأساليب القتال.
ويحذر معهد دراسة الحرب الأمريكي من نية الجماعات تكثيف هجماتها على المدن المحاصرة كجزء من استراتيجية الضغط.
وفي مواجهة هذا التصعيد، لجأت الحكومة الانتقالية بقيادة إبراهيم تراوري إلى تعزيز التعاون مع روسيا وإيران.
وزار تراوري موسكو مؤخراً لحضور احتفالات يوم النصر والاجتماع بالرئيس بوتين، فيما استقبلت بوركينا فاسو مسؤولاً أمنياً إيرانياً رفيع المستوى في زيارة وصفت بـ”تبادل الخبرات الأمنية”.
ويوضح دينيس كوركودينوف، رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي في موسكو، أن “بوركينا فاسو تواجه أزمة أمنية حادة تدفعها للبحث عن دعم قوى كبرى مثل روسيا، التي تسعى بدورها لتعزيز نفوذها الاقتصادي والعسكري في المنطقة الغنية بالموارد”.
وفي ظل هذه التحديات، تواجه الحكومة العسكرية تهديدات داخلية متزايدة، حيث أفادت تقارير عن اكتشاف مؤامرة انقلابية في أبريل الماضي تورطت فيها وحدات النخبة.
ويحذر محللون من أن الهجمات الإرهابية الكبرى قد تزيد من احتمالية حدوث انقلابات جديدة، خاصة مع تزايد السخط الشعبي من عجز الحكومة عن تأمين البلاد.
هذا التصعيد الأمني يضع بوركينا فاسو في قلب أزمة إقليمية معقدة، حيث تتداخل العوامل المحلية مع التنافسات الدولية، في مشهد يهدد باستمرار حالة عدم الاستقرار في منطقة الساحل الإفريقي بأكمله.
الأمم المتحدة تكشف عن تصاعد العنف في الساحل الأفريقي ومقتل 3000 شخص