في تحذير جديد ينذر بتصاعد التوتر الإقليمي، وجه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، انتقادات لاذعة لإثيوبيا بسبب ما وصفه بـ”التعنت المستمر” في ملف سد النهضة، محذرا من أن الجمود القائم قد يُفضي إلى اضطرابات جديدة في منطقة تعاني أصلا من أزمات متعددة.
وجاء ذلك خلال كلمة عبد العاطي في اليوم الثاني من منتدى قادة السياسات الذي تنظمه غرفة التجارة الأمريكية في القاهرة، حيث أكد أن مصر لا تزال حريصة على الاستقرار في محيطها، إلا أن القضايا العالقة، ومن ضمنها سد النهضة، تهدد الأمن الإقليمي.
وأضاف أن موقف إثيوبيا في المفاوضات لم يتغير، حيث لا تزال ترفض التوصل إلى اتفاق ملزم يُراعي حقوق ومصالح كافة الدول المشاطئة للنيل، ما دفع القاهرة إلى تعليق المحادثات منذ أكثر من عام، وأشار الوزير إلى أن ما يحدث في السودان وقطاع غزة يُضاعف من تعقيد المشهد الإقليمي، ولا يمكن تجاهله عند مناقشة قضايا الأمن المائي.
ويعد سد النهضة، الذي شرعت إثيوبيا في بنائه عام 2011 على مجرى النيل الأزرق، أكبر مشروع كهرومائي في إفريقيا، إذ تصل طاقته المتوقعة إلى 6450 ميغاواط، وتسعى أديس أبابا من خلاله إلى تغطية احتياجاتها الداخلية من الكهرباء، وتصدير الطاقة إلى دول الجوار.
غير أن مصر، التي تعتمد بنسبة تزيد عن 98% على مياه النيل كمصدر رئيسي للحياة، ترى في السد تهديدا وجوديا لأمنها المائي، وتخشى القاهرة أن يتسبب ملء السد وتشغيله بصورة أحادية، دون اتفاق قانوني ملزم، في تقليص حصتها من المياه، ما سينعكس سلبا على الزراعة، ومياه الشرب، وحتى الاقتصاد الوطني.
وكانت إثيوبيا قد أعلنت في أواخر 2023 الانتهاء من المرحلة الرابعة والأخيرة من ملء خزان السد، ما فجّر موجة استياء رسمية في مصر، التي وصفت الخطوة بأنها “إجراء أحادي غير قانوني”، وسط قلق متزايد من استخدام السد كورقة ضغط سياسي.
ومن جانبها، تصر الحكومة الإثيوبية على أن السد هو مشروع تنموي حيوي يستهدف القضاء على الفقر وتوفير الكهرباء لأكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 123 مليون نسمة، وتؤكد أنه لا يهدف إلى الإضرار بمصالح أي من دول حوض النيل. إلا أنها ترفض، حتى الآن، التوقيع على أي اتفاقية قانونية مُلزمة لتنظيم إدارة المياه في حالات الجفاف أو الطوارئ.
وكانت المفاوضات الثلاثية بين مصر، إثيوبيا، والسودان قد توقفت في أواخر العام 2023، بعد فشل الأطراف في التوصل إلى تفاهمات نهائية، وسط تبادل للاتهامات بين القاهرة وأديس أبابا بشأن المسؤولية عن تعثر الحوار.
مصر.. اكتشافات أثرية بارزة يعود تاريخها للعصر البطلمي