16 يونيو 2025

حكومة مالي أعلنت عن إطلاق مشروع استراتيجي لإنشاء أول مصفاة وطنية لتكرير الذهب، بقدرة إنتاجية تصل إلى 200 طن سنوياً.

ويهدف الإعلان عن المشروع إلى تعزيز القيمة المضافة للثروات الطبيعية، وتوطين سلسلة إنتاج المعادن، خصوصاً الذهب، الذي يُعد المصدر الأول لعائدات التصدير في البلاد

وجاء الإعلان عن المشروع عقب اجتماع مجلس الوزراء المنعقد يوم الأربعاء بالعاصمة باماكو، حيث صادق المجلس على مشروع قانون يُجيز للدولة المساهمة بنسبة 62% في رأسمال شركة “مصفاة الذهب في مالي”، إلى جانب إصدار مرسوم يحدد آليات هذه المشاركة.

وتُمثل هذه الخطوة تحولاً نوعياً في سياسة الحكومة تجاه إدارة القطاع المنجمي، من خلال تعزيز السيادة الوطنية والتحكم في عمليات الإنتاج والتصدير.

وينفّذ المشروع بشراكة مع مجموعة “يادران” الروسية، بموجب بروتوكول اتفاق وُقّع في أكتوبر 2024، في إطار سياسة تنويع الشركاء الدوليين وتوسيع خيارات الاستثمار الاستراتيجي، بما يُعزز موقع الدولة المالي في إدارة ثرواتها المعدنية.

ويُعد المشروع أول ترجمة فعلية لتوصيات “المؤتمر الوطني لإعادة التأسيس” لعام 2023، الذي دعا إلى إنشاء مصفاة وطنية للذهب وتحسين آليات تتبع الإنتاج، ودمج نشاط التنقيب التقليدي ضمن الاقتصاد الرسمي.

وتندرج هذه المبادرة كذلك ضمن سلسلة من الإصلاحات الهيكلية أطلقتها الحكومة منذ عام 2023، من بينها تعديل قانون التعدين، وزيادة حصة الدولة في المشاريع المنجمية، وسن قانون المحتوى المحلي الذي يُلزم الشركات المنجمية بفتح رأسمالها أمام المستثمرين المحليين.

وبحسب معطيات رسمية، أسهمت هذه الإصلاحات في رفع عائدات الدولة من قطاع الذهب بنسبة 52.5% خلال عام 2024.

ويهدف المشروع الجديد إلى الحد من تصدير الذهب الخام، الذي يُرسل معظمه إلى مصافي خارجية في سويسرا وكندا والصين، وتطوير قدرات البلاد على التكرير المحلي، ما من شأنه تقليص التهريب وتعزيز المردودية المالية.

ويُقدّر الإنتاج الصناعي للذهب في مالي بـ51 طناً عام 2024، مقارنة بـ66.5 طناً في 2023، ما يعكس تراجعاً نسبته 23%.

وأما قطاع التنقيب التقليدي، فيُقدّر إنتاجه الرسمي بين 6 و7.7 أطنان، فيما تشير تقارير غير رسمية إلى إمكانية تجاوزه 30 طناً، ما يُبرز الحاجة الملحة لتأهيل هذا النشاط وضبطه ضمن قنوات التوزيع الرسمية.

ومن المنتظر أن تُوفر المصفاة بنية تحتية تُمكن من تتبع إنتاج الذهب وتعزيز الشفافية والرقابة، إلى جانب تقليص خسائر التهريب والتسويق غير النظامي.

كما يُرتقب أن تتحول المصفاة، على المدى المتوسط، إلى مركز إقليمي لمعالجة الذهب المستخرج من دول الجوار، خاصة تلك التي تفتقر إلى مصافي خاصة بها، ما يُعزز من مكانة مالي كقطب منجمي في غرب إفريقيا.

وفي الوقت الحالي، تبقى شركة “مارينا غولد” المحلية هي الوحيدة التي تُدير وحدة لتكرير الذهب على نطاق ضيق، تعتمد أساساً على الذهب المستخرج من التنقيب التقليدي.

ويمثل قرار الدولة بالمساهمة بنسبة 62% في هذا المشروع تأكيداً على نهج استراتيجي لاستعادة السيادة الاقتصادية، وبناء نموذج تنمية مستدامة يُراعي مصالح الأجيال المقبلة، في ظل بيئة دولية متغيرة وتحديات متنامية في أسواق المعادن الثمينة.

السويد تقرر وقف المساعدات لجمهورية مالي إثر قطعها علاقاتها بأوكرانيا

اقرأ المزيد