تتزايد التحركات الحقوقية في تونس مطالبة بإعادة تقييم اتفاقيات الهجرة المبرمة مع الاتحاد الأوروبي؛ وسط تنديد واسع بانتهاكات موثقة تطال المهاجرين داخل مراكز الاحتجاز الإيطالية، وتصاعد الغضب الشعبي بعد تجدد وقفات لعائلات المفقودين في البحر المتوسط.
وشهدت العاصمة تونس وقفة احتجاجية أمام السفارة الإيطالية نظمتها منظمات حقوقية ومدنية، إضافة إلى عائلات المهاجرين الذين فُقدوا في عرض البحر منذ عام 2011، ورفع المشاركون مطالب واضحة تدعو لمراجعة شاملة للسياسات الأوروبية في ملف الهجرة، ووقف ما وصفوه بـ”الانتهاكات الممنهجة” بحق المهاجرين، وتحديد مصير المفقودين.
وبين رئيس جمعية “الأرض للجميع”، عماد السلطاني، أن ما يحدث في البحر المتوسط “يُعدّ إبادة جماعية”، محملا سياسات الاتحاد الأوروبي التي تتجاهل حقوق الإنسان المسؤولية عما يحدث، وانتقد غياب أي نتائج للجنة تحقيق أُعلنت عام 2015 بشأن المفقودين، لكنها بقيت دون أثر يُذكر.
وتسلط هذه المطالب الضوء على تعقيدات الشراكة بين تونس وبروكسل في ملف الهجرة، إذ سبق أن وقعت تونس اتفاقيات متتالية للحد من تدفق المهاجرين، كان آخرها “مذكرة التفاهم حول الشراكة الاستراتيجية” في يوليو 2023، غير أن منظمات المجتمع المدني تعتبر تلك الاتفاقيات مجرد أدوات لفرض سياسات الردع الأوروبية على حساب الحقوق الأساسية للمهاجرين.
من جانبه، عبّر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، عن قلقه إزاء “الصمت الرسمي” حيال أعداد الضحايا والمفقودين، مشيرا إلى أن السلطات التونسية امتنعت، منذ يونيو الماضي، عن نشر أي بيانات تتعلق بعمليات الاعتراض أو الوفيات على سواحلها.
وأظهرت الإحصاءات التي ذكرها المنتدى أن عام 2023 شهد أكثر من 1300 حالة وفاة وفقدان في البحر، بينما سُجّل 634 ضحية خلال عام 2024، و58 حالة حتى يوليو الجاري، وأضاف بن عمر أن “ساحل المتوسط تحول إلى أكبر مقبرة مفتوحة للمهاجرين بسبب الاتفاقيات الأمنية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي”.
كما ندد النائب التونسي السابق المقيم في إيطاليا، مجدي الكرباعي، بالانتهاكات المستمرة داخل مراكز الاحتجاز الإيطالية، مستندا إلى تقارير حديثة صادرة عن منظمات دولية مثل العفو الدولية و”أطباء بلا حدود” و”آكشن إيد”، ووأشار إلى أن المهاجرين في تلك المراكز يعانون من ظروف قاسية وسوء معاملة جسدية ونفسية.
ودعا الكرباعي إلى “الابتعاد عن المقاربة الأمنية الضيقة”، مطالبا بنهج إنساني وتشاركي يفتح قنوات هجرة نظامية تلائم حاجات سوق العمل الأوروبية، وتحدّ من تهريب البشر والوفيات في البحر. كما شدد على ضرورة تقديم بدائل اقتصادية داخل دول الانطلاق، وعلى رأسها تونس، بما يمنح الشباب خيارات غير ركوب “قوارب الموت”.
يذكر أن هناك اتفاقيتين رسميتين بين تونس والتحاد الأوربي بخص الهجرة، الأولى اتفاقية شراكة تم توقيعها عام 2014، والثانية مذكرة تفاعم وقعت عام 2023، وهناك آليات تمويلية متعددة مرتبطة بهاتين الاتفاقيتين وتشمل عقود ومشاريع تفاوضية، يزيد عددها حسب التصنيفات ولكنه بديل تنفيذي لهاتين الاتفاقيتين الأساسيتين.
الخارجية الليبية تطلق حملة دولية للتضامن مع الشباب الليبيين المعتقلين في إيطاليا