16 يونيو 2025

الجزائر تستعد للانتقال إلى مرحلة مفصلية في قطاع المعادن، مع اتجاه حكومي لإتاحة الملكية الأجنبية بنسبة تصل إلى 80% في مشروعات التعدين، ما يُعد تحولًا تاريخيًا بعد عقود من هيمنة الدولة.

ويُتيح التوجه الجديد، الذي من المرتقب التصويت عليه في البرلمان يوم 16 يونيو الجاري، للشركات الأجنبية تملّك ما يصل إلى 80% من مشروعات التعدين، مقارنة بالسقف السابق المحدد عند 49% بموجب قانون صدر عام 2014.

وسيمنح القانون الجديد كذلك تراخيص مشتركة للتنقيب والاستغلال، في إطار تسهيل الإجراءات وتقليص البيروقراطية، وهو ما أكده بلقاسم سلطاني، الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية للأبحاث واستغلال المناجم “سوناريم”، مشيراً إلى أن الحكومة تتجه لتسريع وتبسيط عملية استصدار التراخيص، بما في ذلك مشروعات كبرى تُقلل من فاتورة الواردات التي تُقدّر بتريليونات الدولارات.

وتراهن الحكومة الجزائرية على تطوير مجموعة من المعادن الإستراتيجية، مثل الفوسفات، خام الحديد، الزنك، الألماس، اليورانيوم، والليثيوم، بهدف تحفيز التنمية الاقتصادية وإيجاد بدائل مستدامة لعائدات النفط والغاز، التي تُشكل نحو 75% من صادرات الجزائر وقرابة نصف إيرادات الحكومة.

ويرى صندوق النقد الدولي، الذي يتوقع نمو الاقتصاد الجزائري بنسبة 3.5% هذا العام، أن البلاد بحاجة إلى تنويع اقتصادها وجذب المزيد من رؤوس الأموال الخاصة.

وأوضح سلطاني أن الجزائر تتبنى رؤية استراتيجية لتحويل المواد الخام إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية، مشيراً إلى وجود استثمارات تُقدّر بـ 1.5 مليار دولار لتطوير منجمي بليد الهضبة وجبل العنق في جنوب غرب الجزائر، بإجمالي موارد تُقدّر بـ 4.7 مليار دولار.

كما ستُنفذ عمليات المعالجة في منطقة الكبريت، بتكلفة تفوق 4 مليارات دولار للمنشآت اللازمة، وقد تم التوقيع مؤخراً على اتفاقيات التصميم الهندسي مع شركتين إحداهما إيطالية والأخرى ألمانية، دون الكشف عن اسميهما.

ومن جهة أخرى، تعمل “سوناريم” على شراكة مع “ساينو ستيل” الصينية و”توسيالي هولدينغ” التركية، لتعدين نحو 7 مليارات طن من خام الحديد من رواسب غار جبيلات ومشيري عبدالعزيز.

وتبلغ قيمة وحدة المعالجة الحديدية المنفذة بالتعاون مع توسيالي نحو 800 مليون دولار، بسعة إنتاجية تصل إلى 4 ملايين طن.

والاستثمارات الأجنبية حاضرة أيضاً من خلال شركة “تيرامين” الأسترالية، التي تمتلك 49% من مشروع منجم واد أميزور، ويحتوي على نحو 58 مليون طن من الرصاص والزنك.

كما تخطط السلطات الجزائرية لطرح مناقصة جديدة لاستغلال منجم ذهب أمسماسة، الذي يحوي نحو 58 طناً من رواسب الذهب.

وفي تطور لافت، أشار سلطاني إلى اكتشاف احتياطيات من الليثيوم في جنوب الجزائر، لكنه أوضح أن تقييم الجودة والكميات لا يزال قيد الدراسة، مما يفتح الباب أمام فرص استثمارية واعدة في هذا المعدن الحيوي لصناعات البطاريات والسيارات الكهربائية.

يذكر أن قطاع المعادن في الجزائر لطالما ظل بعيداً عن الأضواء، نتيجة قلة الاستثمار والاستغلال، وهو ما يظهر جلياً في ضعف مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة لا تتجاوز 1%.

ورغم أن الجزائر تحُدها دول ذات ثروات منجمية ضخمة، مثل المغرب الغني بالفوسفات ومالي الغنية بالذهب، إلا أن صادراتها المعدنية تبقى متواضعة ولا تعكس حجم ما تمتلكه البلاد من ثروات طبيعية.

ولكن المشهد يتغير، مع تسارع الحكومة في تنفيذ مشاريع كبرى وفتح أبواب الاستثمار أمام الشركات الأجنبية، بما يُعيد رسم خريطة القطاع التعديني في البلاد، ويُعزز موقع الجزائر كمورد عالمي للمعادن الحيوية.

الجزائر ومالي.. بداية صفحة جديدة في العلاقات الدبلوماسية

اقرأ المزيد