20 يونيو 2025

عبد الغني دياب، مدير وحدة الدراسات بمركز العرب للأبحاث والدراسات، تحدث في مقابلة خاصة مع شبكة “أخبار شمال إفريقيا”، عن التطورات الأخيرة في العلاقات المصرية الإيرانية، وتطرق للأزمة السياسية الليبية وحلولها.

وأكد دياب أن العلاقات المصرية الإيرانية مرت بمراحل متعددة من الشد والجذب، وصلت في بعض الفترات إلى حد القطيعة، إلا أن الأشهر الأخيرة وتحديداً منذ العام الماضي، شهدت تطوراً لافتاً يعكس توجّهاً إيرانياً للانفتاح على عدد من الأطراف العربية، تجسد في توقيع اتفاقيات جديدة وتحركات دبلوماسية متسارعة، منها زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى القاهرة مؤخراً، والتي حظيت باهتمام واسع على المستويين المحلي والإقليمي، بل وحتى الدولي.

وأوضح دياب أن زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى مصر في هذا التوقيت، تُعد محطة مهمة في العلاقات بين البلدين، وقد لا تمثل تحولاً جوهرياً كاملاً، لكنها بكل تأكيد خطوة في اتجاه جديد يُعيد فتح قنوات التواصل، في ظل متغيرات متسارعة في المشهد الإقليمي، أبرزها التقارب السعودي الإيراني، الذي أرسى أرضية يمكن البناء عليها في إطار تحالفات جديدة تُعيد تشكيل ميزان القوى في المنطقة.

وأشار إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد بالفعل تطوراً في العلاقات السعودية الإيرانية، وهو تطور يحمل طابعاً إيجابياً أكثر منه سلبياً، إلا أن انعكاساته على العلاقات العربية البينية – وخاصة مع مصر – تحتاج إلى توازن دقيق، حتى لا تتحول إلى تهديد لمصالح عربية قائمة، لا سيما في منطقة الخليج.

كما لفت إلى أن فكرة “التوازنات الإقليمية” باتت أكثر حضوراً في الوقت الراهن، خاصة مع وجود تقارب إيراني خليجي سبق نظيره المصري، مما يجعل من التقارب المصري الإيراني عاملاً معززاً لمعادلة إقليمية جديدة.

وفي هذا السياق، شدد دياب على أن مصر تُعد دولة ذات “فقه إقليمي” عميق، لها حضور راسخ ومؤثر في محيطها، مثلما أن لإيران نفوذاً لا يمكن إنكاره، رغم اختلاف السياسات.

وأضاف أن إمكانية تطوير العلاقات بين القاهرة وطهران مرهونة بجملة من المحددات، أهمها الموقف الإيراني من ملفات حساسة تهم الأمن العربي المشترك.

وبيّن أن مصر سبق أن وضعت شروطاً واضحة لعودة العلاقات، أبرزها عدم الإضرار بالمصالح العربية، التي تعتبرها مصر عمقاً استراتيجياً وبُعداً لا تقبل المساس به.

وتابع بأن الدول العربية لا تريد أن تُمس مصالحها بفعل السياسات الإيرانية، خاصة في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث شهدت المنطقة تقلبات جيوسياسية أعادت خلط الأوراق، ودفعت إلى تغييرات في خارطة التحالفات.

وأوضح أن العالم يشهد اليوم إعادة تشكيل لتوزيع النفوذ الإقليمي، مشيراً إلى تقارب مصري تركي، وأيضاً تقارب بين تركيا ودول الخليج، وعودة فواعل إقليمية مقابل تراجع أخرى، وهو ما يؤسس لتحول نوعي في ميزان القوى خلال الفترة المقبلة.

وبشأن العقبات التي تحول دون استعادة العلاقات المصرية الإيرانية بشكل كامل، أكد دياب أن الأمر لا يتعلق بعقبات قانونية أو دبلوماسية، بل هو مرتبط أساساً بالعوامل السياسية.

وقال إن أبرز هذه العقبات تتمثل في مواقف إيران من بعض القضايا المحلية والإقليمية، إلى جانب سعيها المستمر لتصدير نموذجها الثقافي والديني – والذي تُسميه بعض المدارس السياسية بـ”المد الشيعي” – إلى الدول العربية.

وأشار إلى أن مثل هذا التأثير الديني يُعد من أكثر التحديات خطورة على الأمن القومي المصري والعربي، لأن دعم جماعات دينية تحمل توجهات مغايرة للتوجهات العامة في المنطقة، يُسهم في زعزعة الاستقرار ويغذي الانقسامات.

واعتبر دياب أن توقف إيران عن هذه السياسات سيُشكّل مدخلاً مهماً لتحسين العلاقات، بما يعود بالنفع على التعاون الثنائي في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة والمصالح المشتركة.

وفي ملف آخر، تطرّق دياب إلى الاجتماع الثلاثي الذي ضم وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر مؤخراً في القاهرة، لبحث تطورات الأزمة الليبية، موضحاً أن الاجتماع كان يهدف إلى بلورة رؤية مشتركة بين الدول الثلاث، التي تتقاسم الحدود الجغرافية مع ليبيا، وتُدرك حجم تأثير حالة عدم الاستقرار في الداخل الليبي على أمنها القومي.

وأشار إلى أن تهديدات الداخل الليبي انعكست سلبياً خلال السنوات الماضية على دول الجوار، من خلال انتشار الجريمة العابرة للحدود، وتفاقم التهديدات الأمنية، ما جعل من الضروري التوصل إلى موقف عربي مشترك لإنهاء الأزمة، مضيفاً أن هناك رغبة واضحة من دول شمال إفريقيا لإنهاء هذه الحالة، واستعادة الاستقرار داخل ليبيا.

وفي ما يخص الدور المنتظر من هذه الدول الثلاث، أوضح دياب أن الأمر لا يقتصر فقط على الدعم السياسي، بل يشمل كذلك جهود الوساطة والتفاوض بين الأطراف الليبية.

وقال إن القاهرة استضافت بالفعل عدة اجتماعات مهمة بين مجلسي النواب والدولة، إضافة إلى اللجان المختصة بوضع الإطار الدستوري للانتخابات.

وأكد دياب أن هذه التحركات تهدف إلى تقليص الفجوة بين الأطراف الليبية، وإنهاء الانقسامات القائمة، والوصول إلى مرحلة من التوافق تمهّد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة.

واعتبر أن دعم المؤسسات الليبية في هذه المرحلة الانتقالية سيكون عاملاً أساسياً في تأسيس دولة مستقرة ذات سيادة كاملة، ما سينعكس بشكل إيجابي ليس فقط على ليبيا، بل على محيطها العربي أيضاً.

وفي ختام حديثه، وجّه عبدالغني دياب تحياته إلى شبكة “أخبار شمال إفريقيا”، معرباً عن تمنياته بالتوفيق والنجاح في أداء رسالتهم الإعلامية.

مصر.. دعوى قضائية للطعن في قرار يقيد سفر النساء إلى السعودية

اقرأ المزيد