انتقد الباحث في الشأن الأميركي والشرق أوسط، توفيق طعمة، ما وصفه بـ”ضعف الدور المصري والعربي” تجاه الحرب الدامية في قطاع غزة، معتبرا أن القاهرة، رغم موقعها المركزي وقدراتها الإقليمية، ما تزال تؤدي دور الوسيط فقط، دون اتخاذ مواقف حاسمة أو تحركات جدية لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل.
وقال طعمة إن مصر، رغم سيطرتها على معبر رفح، المعبر الوحيد غير الخاضع لسلطة الاحتلال، ولا تستخدم نفوذها بالشكل الكافي لإنهاء الحصار أو منع التصعيد العسكري.
وأوضح أن القاهرة تكتفي بالتصريحات والتنديدات، بينما يُغلق المعبر منذ أكتوبر 2023، في ظل كارثة إنسانية خانقة يعيشها سكان غزة.
وأضاف الباحث أن الدور المصري يبدو خاضعا لإملاءات خارجية، لافتا إلى أن القرار السياسي في القاهرة “لم يعد مستقلا”، وإنما مرهون بما تقرره واشنطن.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطا على مصر باستخدام ملفات المساعدات المالية وحقوق الإنسان كأدوات ابتزاز.
وأشار طعمة إلى أن محاولات الوساطة بين إسرائيل وحماس، التي شاركت فيها مصر وقطر والولايات المتحدة، فشلت بسبب عدم جدية إسرائيل في الالتزام بأي اتفاق، وأكد أن كل تهدئة تم التوصل إليها كانت تُخرق مرارا، بينما يتم تحميل المسؤولية للطرف الفلسطيني وحده.
واعتبر طعمة أن العالم العربي بأسره، بما في ذلك الدول الكبرى مثل مصر، عاجز عن إدخال شاحنة خبز واحدة أو زجاجة دواء إلى القطاع المحاصر، واصفاً هذا العجز بأنه “خذلان موصوف وتواطؤ في بعض الحالات”.
ولم يخفِ طعمة انتقاده للأنظمة العربية التي اختارت التطبيع مع إسرائيل، بل وذهب أبعد من ذلك بالقول إن هناك “دولا عربية مستعدة لتمويل خطة تهجير سكان غزة”، وتدعم سياسة الاحتلال بشكل غير مباشر، مضيفا أن هذه الأنظمة “تضيق على شعوبها ولا يمكن أن تدعم حرية الشعب الفلسطيني وهي تقمع شعوبها داخليا”.
وفي سياق الحديث عن الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، أوضح طعمة أن الزيارة لم تحقق مكاسب تُذكر لإسرائيل، وأن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، رغم دعمه العسكري المتواصل لتل أبيب، لم يمنح نتنياهو ما كان يطمح إليه.
وكشف طعمة عن تسريبات تفيد بمنح نتنياهو مهلة أميركية تمتد لأسبوعين أو ثلاثة لإنهاء الحرب، استعدادا لجولة إقليمية مرتقبة لترامب تشمل السعودية وقطر والإمارات وربما تركيا. واعتبر أن هذه الزيارة تهدف إلى إعادة تحريك مسار التطبيع، الأمر الذي يصعب تحقيقه في ظل استمرار المجازر في غزة.
وحول الحديث عن خطة التهجير الجماعي للفلسطينيين، أكد الباحث أن السياسة الإسرائيلية تهدف منذ سنوات إلى تفريغ فلسطين من سكانها الأصليين، عبر دفعهم إلى الهجرة “الطوعية” التي تخفي وراءها ضغوطا ممنهجة وتجويعا متعمدا، في محاولة لترسيخ واقع ديمغرافي جديد يخدم المشروع الصهيوني.
وشدد طعمة على أن الشعب الفلسطيني يرفض هذه الخطة رفضا قاطعا، وأن المقاومة هي الأمل الأخير في مواجهة الاحتلال وسياسات الإبادة الجماعية، في ظل تخلي معظم الأنظمة العربية والإسلامية عن مسؤولياتها السياسية والأخلاقية.
وختم حديثه بالتأكيد على أن رهان التحرر يجب أن يبقى على الشعب الفلسطيني وحده، في ظل ما وصفه بـ”المشهد العربي المنهار، والمجتمع الدولي العاجز، والاصطفافات الإقليمية المتواطئة”.
طبيب مصري يجري 33 عملية جراحية في غزة خلال 13 ساعة