تشهد مصر انتشار تطبيقات المقامرة الإلكترونية بين الشباب، التي تعد بأرباح سريعة دون عمل، وتحذّر التقارير من مخاطرها النفسية والقانونية وتوصي بزيادة الوعي والرقابة لحماية المجتمع.
بدأت تطبيقات المقامرة الإلكترونية تنتشر بشكل واسع بين الشباب في مصر، مدعومة بحملات دعائية مكثفة تروج لفكرة تحقيق أرباح سريعة دون الحاجة إلى العمل.
وتقدم هذه التطبيقات، التي تحمل أسماء مثل “بلينكو” و”سيلينكو”، ألعاباً تعتمد على مبدأ كرة تتدحرج من أعلى هرم لتصل إلى قاعدة مليئة بالأرقام، يحمل كل رقم مكسباً مالياً يتراوح بين مبالغ بسيطة وجوائز كبرى تصل إلى آلاف الجنيهات أو الدولارات.
وتتميز هذه التطبيقات بسهولة تحميلها عبر روابط مباشرة يتم الترويج لها على منصات التواصل الاجتماعي، حيث إنها غير متوفرة على متاجر التطبيقات المعروفة مثل “آب ستور” أو “غوغل بلاي” بسبب انتهاكها لمعايير هذه المنصات.
في هذا الصدد، يوضح الخبير التقني المتخصص في الأمن السيبراني، أحمد عبدالفتاح، أن هذه التطبيقات تعتمد على استراتيجيات نفسية لاستدراج المستخدمين.
ففي البداية، تمنح اللاعب مكافأة ترحيبية مجانية، والتي تعد بمثابة “الجزرة” التي تجذب اللاعبين للبدء في اللعب، وعندما يبدأ اللاعب بالمقامرة بهذه المكافأة، قد يحقق أرباحاً سريعة، مما يخلق لديه شعوراً زائفاً بإمكانية الربح السهل.
لكن سرعان ما تتحول الأمور، حيث تبدأ الخسائر المتتالية، والتي تكون مدروسة بعناية من خلال خوارزميات التطبيق.
ويوضح عبدالفتاح أن التطبيق يسمح للاعب بالربح في بعض الأحيان ليبقي الأمل حياً، بينما يزيد من خسارته تدريجياً، مما يدفع اللاعب إلى ضخ المزيد من الأموال في محاولة لتعويض خسائره، ليقع في النهاية في فخ الإدمان.
من جانبه، يحذر الخبير التقني مروان أحمد من أن هذه التطبيقات تستهدف بشكل خاص الأطفال والشباب الباحثين عن الربح السريع.
وتستخدم هذه التطبيقات إعلانات مغرية تروج لفكرة أن اللعب عليها يمكن أن يحقق أرباحاً تفوق ما يمكن تحقيقه من العمل لساعات طويلة، كما تروّج لقصص وهمية عن أشخاص تحولوا من الفقر إلى الثراء في وقت قياسي بفضل هذه الألعاب.
ويشير أحمد إلى أن هذه الرسائل الإعلانية تهدف إلى تدمير قيم العمل والاجتهاد لدى الشباب، وتشجعهم على الاعتماد على المقامرة كمصدر للدخل، مما يؤدي إلى تآكل القيم الأخلاقية والمجتمعية.
من الناحية القانونية، يؤكد المستشار محمد كامل فتح الباب، عضو مجلس نقابة المحامين بمحافظة القليوبية، أن المقامرة تعتبر جريمة وفقاً للقانون المصري.
وتنص المادة 352 من القانون على عقوبات صارمة لكل من يعد مكاناً لألعاب القمار أو يسهل ممارستها، بما في ذلك الحبس والغرامات المالية.
كما ينص القانون رقم 175 لسنة 2018، الخاص بمكافحة جرائم تقنية المعلومات، على عقوبات تصل إلى الحبس لمدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامات تتراوح بين 50 ألف جنيه و100 ألف جنيه لكل من ينتهك القيم الأسرية أو يعتدي على المبادئ الأخلاقية للمجتمع.
ويحذر فتح الباب من أن هذه التطبيقات لا تؤدي فقط إلى خسائر مالية كبيرة للأفراد، بل تساهم أيضاً في تشويه نفسية الشباب، حيث تدفعهم إلى الاعتماد على السرقة أو الإجرام للحصول على الأموال اللازمة للمقامرة.
كما أن انتشار هذه التطبيقات يهدد بخلق أجيال تعتبر المقامرة وسيلة مشروعة لكسب العيش، مما يزيد من تفاقم المشكلات الاجتماعية والأخلاقية.
في النهاية، يشدد الخبراء على ضرورة زيادة الوعي بمخاطر هذه التطبيقات، وتعزيز الرقابة القانونية لمنع انتشارها، وحماية الشباب من الوقوع في فخ الإدمان والخسائر المالية التي قد تدمر حياتهم.
زيادة مخصصات الصحة في موازنة مصر الجديدة