عدد من القرى المغربية، خصوصاً الجبلية، تشهد انتشاراً لافتاً للأفاعي والثعابين السامة، ما أثار حالة من الخوف والقلق في أوساط السكان المحليين.
وانتشرت مقاطع فيديو بشكل مكثف عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، لثعابين تزحف في قرية سيدي مغيث نواحي مدينة تازة، إضافة إلى مشاهد مماثلة في مناطق أخرى، ما يعكس امتداد الظاهرة إلى أماكن لم تألف ظهور هذا النوع من الزواحف في هذا التوقيت من السنة.
وبينما اعتادت بعض المناطق على ظهور أنواع محددة من الثعابين، التي تتغذى على القوارض وتخرج في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، إلا أن هذا الموسم شهد ظهور أنواع جديدة، بعضها شديد السمية، ما أثار مخاوف السكان، خصوصاً أن لدغات هذه الأنواع قد تؤدي إلى الوفاة الفورية.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير الزراعي رياض أوحتيتة في تصريحات صحفية، أن هذا الانتشار يعود إلى عدة عوامل بيئية ومناخية، على رأسها التغيرات المناخية غير المعتادة، وارتفاع درجات الحرارة في بداية الصيف، بالإضافة إلى تراجع الغطاء النباتي نتيجة الجفاف وحرائق الغابات، وأكد أن هذه الظروف دفعت الزواحف إلى مغادرة بيئاتها الطبيعية والاقتراب من المناطق المأهولة بحثاً عن الغذاء والماء.
كما أشار أوحتيتة إلى أن اختلال التوازن البيئي الناجم عن انقراض أو تراجع أعداد أعداء الزواحف الطبيعيين، مثل القنافذ والثعالب والطيور الجارحة، بسبب الصيد الجائر والتغيرات البيئية، ساهم أيضاً في تكاثر الثعابين والعقارب وامتداد نطاق تحركاتها.
وبحسب مختصين، فإن الأنواع المنتشرة تشمل الأفاعي الصحراوية ذات القرون الكبيرة، التي تُعتبر الأشد خطورة بسبب سرعة سريان سمها في الدم، بالإضافة إلى أنواع أقل سُمية مثل الأفاعي السوداء، وأخرى غير سامة كالأفاعي الصفراء.
ومن جانبه، أكد جمال أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بإقليم زاكورة، أن مناطق مثل مراكش آسفي، وسوس ماسة، ودرعة تافيلالت، وجهة الدار البيضاء، شهدت انتشاراً غير مسبوق لهذه الزواحف، وأوضح أن البنية السكنية التقليدية في القرى، التي تعتمد على الطين والحجارة والقش، توفر بيئة ملائمة لاختباء هذه الكائنات.
كما شدد أقشباب على أن ندرة الموارد المائية وتراجع الغطاء النباتي قللت من توافر الفريسة الطبيعية للزواحف، ما دفعها للتنقل نحو التجمعات السكانية القريبة، حيث تتوافر القوارض كالجرذان، وهي غذاء مفضل للثعابين.
وتشير إحصائيات رسمية إلى تسجيل نحو 25 ألف إصابة بلسعات العقارب سنوياً في المغرب، وقرابة 500 حالة بلدغات الأفاعي، 80% منها في القرى، كما تتركز أخطر أنواع العقارب في مناطق مراكش آسفي، وسوس ماسة، وبني ملال خنيفرة، ودرعة تافيلالت، وسطات، والجديدة.
وفي مواجهة هذا الوضع، شرعت وزارة الصحة المغربية في تنفيذ إجراءات استباقية عبر المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، حيث تم تزويد المستشفيات الجهوية والإقليمية بالأمصال المضادة للدغات العقارب والثعابين، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة التي تُعد عاملاً رئيسياً في نشاط هذه الزواحف.
ورغم أن الثعابين والعقارب تؤدي أدواراً مهمة في الحفاظ على التوازن البيئي، مثل مكافحة الجرذان والفئران المسببة لأمراض خطيرة كداء الليشمانيا، إلا أن اقترابها المتزايد من التجمعات السكنية يجعلها تمثل خطراً داهماً على الأرواح، ما يستدعي من السلطات والمواطنين على حد سواء اليقظة والاحتياط، خاصة خلال موسم الصيف الذي يشهد ذروة نشاط هذه الكائنات.
المغرب يخصص 2.5 مليار درهم لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات