في ظل التوترات المتصاعدة بالسودان، تتجه قوى سياسية وعسكرية متحالفة مع قوات الدعم السريع إلى إعلان حكومة موازية في مناطق سيطرتها، رغم التقدم الميداني الذي أحرزه الجيش السوداني مؤخراً.
وأعلنت قيادات سياسية مؤيدة للفكرة نيتها الإعلان رسمياً عن الحكومة الجديدة في فبراير المقبل، لتكون مقرها الخرطوم، مما يضعها في مواجهة مباشرة مع حكومة بورتسودان التي يقودها قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان.
ومنذ أكتوبر 2023، برزت دعوات داخل تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، وهي تحالف سياسي يسعى لإنهاء الحرب، لتشكيل حكومة موازية بمناطق سيطرة الدعم السريع، بهدف توفير الأمن والخدمات الأساسية للمواطنين، واستناداً إلى شرعية ثورة ديسمبر 2018 التي أطاحت بحكم عمر البشير.
وتذهب الفكرة إلى منازعة حكومة بورتسودان في الموارد القومية مثل النفط والذهب، وحتى إصدار عملة جديدة، في خطوة تشابه النموذج الليبي الذي شهد وجود حكومتين متنافستين.
وتسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من ولايات الخرطوم، الجزيرة، النيل الأبيض، وأجزاء من كردفان، بالإضافة إلى أربع ولايات في دارفور، مع استمرار القتال للسيطرة على الفاشر، عاصمة شمال دارفور.
ولكن هذه السيطرة مهددة بالتراجع، بعد الانتصارات الأخيرة للجيش السوداني، خاصة في ود مدني، سنجة، الدندر، جبل موية، وأم القرى، بالإضافة إلى فك الحصار عن مقر القيادة العامة وسط الخرطوم، مما يجعل فكرة الحكومة الموازية أكثر صعوبة من الناحية الواقعية.
ورغم هذه التطورات العسكرية، فإن دعم فكرة الحكومة الموازية لا يزال قائماً داخل بعض مكونات “تقدم”، مثل الجبهة الثورية، تجمع قوى التحرير، حركة تحرير السودان، المجلس الانتقالي بقيادة الهادي إدريس، حزب الأسود الحرة، ومؤتمر البجا المعارض.
كما تحظى الفكرة بتأييد شخصيات بارزة، مثل محمد حسن التعايشي، عضو مجلس السيادة السابق، ونصر الدين عبد الباري، وزير العدل السابق.
ولكن، في المقابل، رفضت قيادة “تقدم” في اجتماعها الأخير بعنتبي أوغندا الفكرة، معتبرة أنها تهدد وحدة السودان، كما رفضتها أحزاب مثل حزب الأمة القومي، المؤتمر السوداني، والتجمع الاتحادي.
وتشير التقارير إلى أن رئيس التنسيقية عبد الله حمدوك يقود مشاورات لحسم هذا الانقسام، الذي قد ينتهي بانشقاق داخل “تقدم”.
ومن جانبها، تدعم قوات الدعم السريع بقوة تشكيل الحكومة الموازية، وتعتبر أن حكومة بورتسودان فقدت شرعيتها منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، كما تعهدت بتوفير الحماية والدعم اللوجستي للحكومة الجديدة.
وفي ظل التقارير الإعلامية المتداولة، هناك حديث عن احتمال أن يتولى محمد حمدان دقلو “حميدتي” منصب رئيس مجلس السيادة في الحكومة الموازية.
وعلى الجانب الآخر، ترى الحكومة السودانية أن خطوة تشكيل حكومة موازية ما هي إلا “مؤامرة دولية” لمساندة الدعم السريع، بعد فشله في السيطرة على الحكم بقوة السلاح، وتحذر من تبعات تقسيم السودان.
ووصف محمد زكريا، الناطق الرسمي باسم الكتلة الديمقراطية، المبادرة بأنها “قفزة في الظلام”، وأنها لن تجد اعترافاً محلياً أو دولياً، كما أكد أن انتصارات الجيش، خاصة في الخرطوم بحري والفاشر، أحبطت أي محاولات لتقسيم البلاد.
ويؤكد مراقبون أنه في ظل رفض المجتمع الدولي حتى الآن لأي كيان مواز للحكومة الرسمية، يظل نجاح هذه المبادرة موضع شك كبير.
جنوب السودان يستعيد زخم إنتاج النفط بمعدل 90 ألف برميل يوميا