وسط تصاعد الاحتقان الاجتماعي وتدهور الظروف المعيشية، اندلعت في مدينة غاو، كبرى مدن شمال مالي، احتجاجات غاضبة أول أمس الخميس، سلطت الضوء على عمق الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالمنطقة في أعقاب التوتر الدبلوماسي الأخير مع الجزائر، والذي توج بإغلاق الحدود بين البلدين.
وجاء إغلاق الحدود، إثر حادث إسقاط طائرة مسيرة مالية من قبل الجيش الجزائري، لم يكن مجرد تدبير أمني أو سياسي، بل تحول سريعا إلى أزمة معيشية خانقة لسكان الشمال المالي، الذين تعتمد مناطقهم بشكل شبه كلي على الواردات الجزائرية من الغذاء والوقود والأدوية.
ومع توقف حركة الشاحنات والتجارة العابرة للحدود، واجهت الأسواق المحلية في غاو ومدن مجاورة نقصا حادا في المواد الأساسية، صاحبه ارتفاع جنوني في الأسعار، وهذا الخلل في سلاسل الإمداد فتح الباب أمام موجة احتجاجات شعبية تقودها الفئات الأكثر هشاشة، لا سيما النساء اللواتي يتصدرن الصفوف الأمامية في الكفاح اليومي من أجل تأمين الاحتياجات الأساسية لأسرهن.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب الحكومة الانتقالية بتدخل عاجل، محملين السلطات مسؤولية الفشل في توفير بدائل استراتيجية تضمن الأمن الغذائي في هذه المناطق المعزولة والمهمشة تاريخيا.
ولا تعكس الاحتجاجات فقط آثار الأزمة الآنية، بل تبرز هشاشة النموذج الاقتصادي المحلي الذي يعتمد بشكل كبير على منفذ واحد لتأمين السلع، ما يجعل شمال مالي عرضة للشلل عند أي توتر دبلوماسي.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي عبد الله السوقي إن “الحكومة الانتقالية مطالبة بإعادة رسم خارطة إمداد جديدة، سواء عبر تعزيز العلاقات التجارية مع موريتانيا من جهة تمبكتو، أو تأمين الطرق نحو النيجر، لتخفيف الضغط عن المناطق الشمالية.”
إعادة إطلاق خدمة القطارات بين الجزائر وتونس بعد انقطاع دام ثلاثة عقود