دفع تدهور الأوضاع في ليبيا العديد من الليبيين للهجرة غير النظامية إلى أوروبا، وذلك عبر الطرق ذاتها التي كانت تُستخدم لسنوات طويلة من قبل المهاجرين الأفارقة والآسيويين.
ووفقاً لمنظمات ليبية، وصل أكثر من 230 مواطناً ليبياً، بينهم عائلات، إلى السواحل الإيطالية منذ مطلع 2024، حيث سجلت المفوضية الإيطالية للاجئين 134 منهم، فيما واصل البعض الآخر رحلته إلى ألمانيا وهولندا وبلجيكا.
وكشف طارق لملوم، أحد مؤسسي منظمة “بلادي” الليبية، عن هذه الأرقام بعد جمعها من الليبيين الذين خرجوا على متن قوارب هجرة أو من الأشخاص الذين جرى إنقاذهم في عرض البحر.
وأوضح لملوم أن المسارات المفضلة للّيبيين تتجه نحو إيطاليا، ثم مالطا واليونان، وهذه الظاهرة الجديدة تتزايد بسبب تدهور الوضع الأمني والسياسي منذ عام 2014، الذي دفع البعض إلى الهجرة خوفاً من الاعتقالات التعسفية وانعدام الأمان.
وأظهر استطلاع لـ”الباروميتر العربي” في 2022 أن ربع الليبيين يفكرون في الهجرة، بما في ذلك الشباب والعائلات، وجاءت الأسباب الاقتصادية في المقدمة بنسبة 53%، تلتها المخاوف الأمنية بنسبة 30%، ثم البحث عن فرص تعليمية بنسبة 16%.
وشهد دخل المواطن الليبي تدهوراً إلى النصف مقارنة بما كان عليه قبل 2011، كما أفاد تقرير للبنك الدولي، وذلك بسبب انهيار التعليم، الصحة، والخدمات العامة في البلاد.
ومن أشهر قضايا هجرة الليبيين، قضية لاعبي فريق “اتحاد بنغازي” لكرة القدم، الذين حاولوا الهجرة عبر البحر عام 2015 لكن انتهى بهم الأمر بالسجن في إيطاليا بتهمة الاتجار بالبشر والقتل بعد حادث مأساوي على متن قارب الهجرة، وتعتبر هذه القضية مثالاً على الأمل المحطم والضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع البعض للمخاطرة بأرواحهم في البحر المتوسط.
وفي ظل تصاعد العنف، تناول تحقيق استقصائي لـ”مهاجر نيوز” الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون وطالبو اللجوء في ليبيا، مشيراً إلى إمكانية تدخل المحكمة الجنائية الدولية ضد شبكات الاتجار بالبشر وإنهاء إفلاتها من العقاب.
وركز التحقيق على معاناة المهاجرين في مراكز الاحتجاز بليبيا وأثناء اعتراضهم في البحر المتوسط، وأوضحت أليسون ويست، المستشارة القانونية في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية، أن التقارير المقدمة إلى المحكمة الجنائية الدولية لم تثمر بعد عن فتح قضية ملموسة، ما يُعد عائقاً أمام محاسبة مرتكبي الجرائم رفيعي المستوى.
وتطرح هذه التحولات تساؤلات عميقة عن واقع الهجرة في ليبيا وتأثيراته على المستوى الدولي، إذ تظل ليبيا بؤرة للأزمات التي تدفع بآلاف المهاجرين للفرار، سواء كانوا من مواطنيها أو من بلدان أخرى.
وتحذر المنظمات من ضرورة إيجاد حلول جذرية تتعدى حملات الإغاثة لإنقاذ حياة من يهربون من العنف والفقر، مع تعزيز المساءلة القانونية ضد مرتكبي الانتهاكات بحق المهاجرين.
صالح: دعم القوات المسلحة والتوافق الليبي أساس لاستقرار الجنوب وإعادة الإعمار