05 ديسمبر 2025

الحكومة الجزائرية بدء مراجعة شاملة للتشريعات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بهدف رفع التصنيفات الدولية السلبية التي وُضعت فيها البلاد خلال الأشهر الماضية.

وجاء ذلك بالتوازي مع دعوة الجزائر دول القارة الإفريقية إلى توحيد الجهود في مواجهة التهديدات السيبرانية، التي وصفتها بأنها “تحديات خطيرة” تهدد أمن القارة ومؤسساتها.

واعتمد مجلس الوزراء، خلال اجتماعه الاثنين، مشروع قانون جديد يخص الوقاية من غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما. ووفق بيان رسمي، شدد الرئيس عبد المجيد تبون أمام أعضاء الحكومة على أن الجزائر “وضعت آليات رقابية صارمة لمحاربة الفساد بمختلف أشكاله”، مشيراً إلى “التقدم الكبير” في مكافحة الجريمة المالية وتعزيز حماية الأفراد.

ويأتي هذا التعديل في سياق مساعي الجزائر لمواءمة إطارها التشريعي مع التزاماتها الدولية، لا سيما توصيات “مجموعة العمل المالي” (FATF)، التي صنّفت الجزائر العام الماضي ضمن “قائمتها الرمادية” بشأن غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وكان تقرير المجموعة الصادر في أكتوبر 2024 قد رصد “ثغرات هيكلية” في أنظمة الرقابة المالية الجزائرية وتباطؤاً في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، رغم انخراط السلطات في خطة عمل مشتركة مع المنظمة الدولية.

وبعد هذا التصنيف، أدرجت المفوضية الأوروبية الجزائر في يونيو الفائت على “قائمتها السوداء” للدول التي تمثل “مخاطر عالية” في مجال غسل الأموال، وهو ما دفع الجزائر إلى التعهد بإعداد تقرير مفصل يغطي الفترة 2024–2026 يوضح الإجراءات المعتمدة لمكافحة التدفقات المالية المشبوهة وتمويل الإرهاب.

وفي سياق آخر، شهدت الجزائر أعمال اجتماع قادة أجهزة الشرطة الإفريقية (أفريبول) يومي الاثنين والثلاثاء، حيث ركز المشاركون على التحديات المتصاعدة للجريمة الإلكترونية.

وقال مدير الشرطة الجزائرية، علي بدوي، لدى افتتاحه الاجتماع، إن “التهديدات السيبرانية أصبحت أحد التحديات الكبرى أمام مؤسسات الأمن في القارة”، داعياً إلى “نهج صارم” لتدعيم قدرات الأمن السيبراني.

وأوضح أن الاجتماع “يأتي في سياق إقليمي ودولي حساس، بسبب الانتشار المتزايد للجريمة المنظمة العابرة للحدود والإرهاب والتطرف العنيف، وهي ظواهر تستغل التكنولوجيا الحديثة ووسائل الذكاء الاصطناعي”.

وأكد بدوي أن هذه المخاطر “تتطلب استجابة شاملة ومنسقة على المستويين القاري والدولي”، مضيفاً: “من الضروري وضع آليات فعالة للتعاون الفني وتأسيس شراكات مع المراكز المتخصصة”، في إشارة إلى الأهمية التي توليها الجزائر لهذا الملف.

وكشفت الوثائق التي ناقشها الخبراء الأمنيون أن “الجريمة السيبرانية لم تعد مرتبطة بحدود جغرافية، بل تحولت إلى تهديد عابر يتطلب مقاربة جماعية رادعة”.

وفي مداخلاتهم، أشار مسؤولون أمنيون أفارقة إلى أن “التنظيمات الإجرامية باتت تستخدم التقنيات الحديثة بشكل متزايد، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، لتعقيد أساليبها”، مؤكدين أن ذلك يفرض “تحديثاً عاجلاً للاستراتيجيات وتطوير كفاءات بشرية مؤهلة للتعامل مع هذه المستجدات”.

وعرض بدوي على نظرائه “استراتيجية شاملة لتعزيز التعاون الأمني القاري”، ركزت على تبادل المعلومات ودعم أمن الحدود وإطلاق برامج وقائية وإصلاحية لمكافحة التطرف العنيف، مؤكداً أن “تطوير الموارد البشرية يظل محوراً رئيسياً في هذه المقاربة”.

وأوضح أن “العنصر البشري يمثل ركيزة أساسية لمواجهة الجرائم الإلكترونية، بالنظر إلى دوره في التكيّف مع التطورات التكنولوجية المتسارعة”، مشدداً على ضرورة إعطاء الأولوية القصوى لتأهيل الكفاءات وتحسين قدراتها.

وأشار مدير الشرطة إلى أن هذا الاجتماع “يعكس التزام الجزائر الراسخ بمبادئ الوحدة الإفريقية”، مؤكداً أن أجندته تضمنت “قضايا بالغة الأهمية تتطلب نقاشاً معمقاً وتفكيراً جماعياً للتوصل إلى توصيات عملية تعزز فعالية أفريبول”.

ويمثل علي بدوي أحد أبرز القيادات الأمنية في الجزائر، حيث تولى مهام أمنية معقدة خلال ما يُعرف بـ”العشرية السوداء”، فترة العنف الدموي التي عاشتها البلاد في تسعينيات القرن الماضي.

القيمة السوقية لأغلى 10 منتخبات تأهلت إلى كأس الأمم الإفريقية

اقرأ المزيد