تصاعدت التحذيرات في تونس من تداعيات مشروع قانون جديد يهدف إلى تسهيل إجراءات الطلاق، وسط اتهامات بأنه يقوّض مكتسبات المرأة التونسية ويمسّ بأركان السلم الاجتماعي في البلاد.
ودعت كل من الاتحاد الوطني للمرأة التونسية والهيئة الوطنية للمحامين البرلمان إلى التراجع عن مناقشة مشروع تعديل قانون كاتب العدل، الذي يتيح لهذا الأخير إبرام وثيقة الطلاق بالتراضي دون المرور عبر القضاء.
ويحظى المشروع بدعم واسع من 105 نواب من أصل 154، ما يثير مخاوف من تمريره خلال جلسات البرلمان المقبلة.
ووصف الاتحاد النسائي المشروع بأنه “نكسة تشريعية تمسّ جوهر مجلة الأحوال الشخصية”، واعتبر في بيان له أن مبادرات كهذه، إلى جانب مقترحات أخرى مثل العفو عن المتخلفين عن دفع النفقة، تمثل تراجعا خطيرا عن المكتسبات التي حققتها المرأة التونسية عبر عقود من النضال، مؤكدا أن المشروع يختزل العلاقة الزوجية إلى “عقد يمكن فسخه بمجرد وثيقة”، على حد تعبيره.
وأشار الاتحاد إلى أن “الطلاق بالتراضي” المقترح في القانون لا يضمن تحقق التراضي الفعلي بين الزوجين، ويستخدم كغطاء لفرض الطلاق بالإكراه، في ظل غياب رقابة قضائية تضمن الإنصاف والعدالة، خاصة في الحالات التي تعاني فيها النساء من هشاشة اقتصادية أو تبعية اجتماعية.
أما هيئة المحامين، ذهبت أبعد من ذلك، ووصفت المشروع بأنه “عبث قانوني يمسّ بثوابت الجمهورية”، محذرة من أنه يؤدي إلى “انهيار المنظومة القانونية للأسرة التونسية”، ويهدد الأمن القومي الاجتماعي والاقتصادي.
وفي بيان شديد اللهجة، حذرت الهيئة من أن المشروع يشكل “سطوا صريحا” على اختصاصات مهنة المحاماة، ويقصي دور المحامي في تحرير العقود والدفاع عن حقوق المواطنين أمام القضاء، وهو ما اعتبرته “تجريدا ممنهجا من الحق في التقاضي والولوج إلى العدالة”.
وأكدت الهيئة أنها ترفض هذا المشروع لأسباب تتجاوز الدفاع عن مصالح مهنية، مشيرة إلى أن ما يقف وراء معارضة القانون هو “الحرص على حماية الأسرة، وصون حقوق المرأة والطفل، والحفاظ على استقرار المجتمع”، مشددة على أن القضاء هو الجهة الوحيدة المؤهلة للنظر في قضايا الطلاق، لما تتطلبه من إجراءات مصيرية تتعلق بحضانة الأطفال والحقوق المالية للزوجين.
كما عبرت عن استعدادها لخوض كافة “الأشكال النضالية القصوى” لمواجهة ما وصفته بـ”المشروع الجائر”، مشيرة إلى أن قطاع المحاماة يوظف سنويا آلاف المتخرجين من الجامعات، ويضم أكثر من 9 آلاف محام، نصفهم من فئة الشباب الباحثين عن فرص عمل وتخصصات تضمن لهم الاستقرار والكرامة.
الجزائر تتصدر دول المغرب العربي في مؤشر الرخاء العالمي لعام 2024