20 يوليو 2025

مهرجان “غيريول” في سهول الساحل الكبرى بين تشاد والنيجر يحتفل بجمال الرجال وفق معايير قبائل الودابي، ويتزين المشاركون بالأصباغ ويتنافسون في عرض تقليدي للرقص، مما يعكس التنوع الثقافي ويعزز الهوية المجتمعية.

في مشهد يختزل قروناً من التقاليد العريقة، تتحول سهول الساحل الكبرى بين تشاد والنيجر إلى لوحة فنية حية خلال مهرجان “غيريول” السنوي، ذلك الطقس الفريد الذي تحتفل به قبائل الودابي من الفلان البورورو، إحدى أشهر المجموعات الرعوية الرحل في المنطقة.

يتميز هذا المهرجان بكونه مسابقة جمال غير تقليدية، حيث يتنافس الرجال لا النساء في إبراز جمالهم وفق المعايير القبلية التي تقدر البشرة المتوهجة والعيون الواسعة والأسنان البيضاء والقامة الفارعة.

ويبدأ المشاركون استعداداتهم بدقة متناهية، فيزيّنون وجوههم بالأصباغ الحمراء والصفراء، ويوسعون أعينهم بالكحل، ويحددون شفاههم باللون الأسود، كل ذلك في إطار احتفالي يجمع بين الأصالة والجاذبية.

تأتي ذروة الاحتفال مع رقصة “غيريول” التقليدية، حيث يصطف الشباب في صفوف متناسقة يتحركون فيها بتناغم بديع على أنغام الأغاني الجماعية، في عرض يمتد لساعات تحت أشعة الشمس الحارقة، مما يجعله اختباراً حقيقياً للجمال والتحمل في آن واحد.

تلعب النساء دور المحكمات في هذه المسابقة الفريدة، سواء كن عازبات أو متزوجات، حيث يقمن باختيار الرجل الأجمل والأكثر جاذبية وفق المعايير القبلية.

ويقام المهرجان عادةً مع نهاية موسم الأمطار، حين تزداد الموارد وتتحسن أحوال الثروة الحيوانية، مما يوفر مناخاً مناسباً للاحتفال والتلاقي الاجتماعي.

رغم تزايد الاهتمام العالمي بهذا المهرجان من قبل السياح والمصورين، إلا أنه حافظ على أصالته كتراث ثقافي حي، ولا يقتصر “غيريول” على كونه عرضاً جمالياً فحسب، بل يمثل فلسفة حياة كاملة لقبائل الودابي، حيث تحتل الهوية الجسدية والجمالية مكانة مركزية في التعبير عن الذات والانتماء المجتمعي.

يشكل هذا المهرجان شهادة حية على ثراء التنوع الثقافي في إفريقيا الصحراوية، حيث تتحول المساحات الشاسعة إلى مسرح طبيعي للفنون والتقاليد، في مزيج نادر يجمع بين الأصالة والجمال، بين الموروث الثقافي والإبداع الفني، ليرسم صورة حية لتراث إنساني فريد يقاوم اندثار الزمن.

النيجر تتهم إذاعة فرنسا الدولية بالتحريض على العنف

اقرأ المزيد