في مقابلة خاصة مع شبكة أخبار شمال إفريقيا، تحدثت الناشطة والمحللة السياسية السودانية رشيدة شمس الدين، عن الوضع في السودان مع دخول الحرب عامها الثالث.
وأكدت شمس الدين أن السودان يعيش واحدة من أسوأ مراحله الإنسانية والسياسية مع دخول الحرب عامها الثالث، مشيرة إلى أن مدينة الفاشر باتت الآن في صدارة المشهد الميداني، خصوصاً في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية.
وقالت شمس الدين إن الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد دمرت البنية التحتية والاقتصاد، وخلّفت أوضاعاً إنسانية “كارثية”، مضيفة أن “السودان الآن يُصنف كأسوأ مكان للعيش في العالم بحسب الأمم المتحدة، والمجاعة باتت تهدد إقليم دارفور بالكامل”.
وتابعت أن إقليم دارفور، الذي يمتد على مساحة تعادل مساحة فرنسا، غني بالموارد الطبيعية والمعادن، ما جعله مركزاً للصراع نتيجة لغياب التوزيع العادل للثروات.
ولفتت إلى أن المعسكرات في مناطق مثل زنزم ووشوك المحاذيتين للفاشر تعاني من شحّ الغذاء وشبح المجاعة، في ظل حصار خانق مفروض من قبل قوات الدعم السريع.
وحذرت من أن هذه الميليشيات التي “تفتقر للأيديولوجيا والانضباط العسكري”، تمارس “انتهاكات واسعة ضد المدنيين”، بينها التمثيل بالجثث، والاغتصاب الجماعي للنساء، وتنكيل ممنهج بالسكان، حتى أولئك الذين يحاولون الفرار من مناطق النزاع.
وعن الموقف الإنساني في البلاد، أوضحت شمس الدين أن الجيش السوداني استعاد بعض المناطق المهمة مثل الخرطوم، لكنه يواجه تحديات إنسانية ضخمة، حيث لا تزال الجثث تُدفن بطريقة غير لائقة، والمواطنون محاصرون وسط نقاط تفتيش وغياب تام للخدمات الأساسية.
وأشارت إلى أن حالات الاحتجاز القسري والتعذيب وسوء المعاملة من قبل قوات الدعم السريع لا تزال تتكرر، ما يتطلب بحسب رأيها “إعادة نظر عاجلة في كيفية التعامل مع الملف الإنساني”، مؤكدة أن الجهود المحلية لا تكفي، مطالبة بتدخل دولي عاجل وموسع، وتعزيز جهود الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في المعسكرات.
وبخصوص اتهام السودان لدولة الإمارات بالتدخل بالحرب، قالت شمس الدين إن الإمارات تدعم قوات الدعم السريع، سواء عبر الدعم اللوجستي أو المادي، مشيرة إلى أن هناك “أدلة موثقة” على إرسال الإمارات معدات عسكرية وأسلحة عبر مطار أمجرس في تشاد، إلى جانب استخدامه في نقل الجرحى من الميليشيات.
وأضافت أن الحكومة السودانية رفعت شكاوى رسمية إلى الأمم المتحدة والمحكمة الدولية بهذا الشأن، مشيرة إلى أن تقارير صحفية تحدثت عن “وجود جنود إماراتيين أصيبوا أو قتلوا في مناطق النزاع، بينهم ثمانية في مطار نيالا الذي تسيطر عليه الميليشيات حالياً”.
وتابعت أن الدعم الإماراتي يشمل تزويد قوات الدعم السريع بالمسيّرات والسلاح والعتاد الذي يُستخدم في استهداف المدنيين والبنية التحتية، ووصفت ذلك بأنه “تدخل مباشر في الشأن السوداني وتحويل للصراع إلى حرب بالوكالة”.
وتعليقاً على إعلان الإمارات مؤخراً القبض على خلية تهريب سلاح مرتبطة بشخصية كبيرة في الجيش السوداني، اعتبرت شمس الدين أن هذا الإعلان “يفتقر للمنطق ومثير للضحك” وأنه يهدف فقط لتبرئة ساحة أبوظبي أمام المجتمع الدولي.
وقالت إن الادعاء بأن الجيش السوداني كان يحاول تهريب خمسة ملايين قطعة سلاح عبر طائرة “أمر غير منطقي عسكرياً ولا سياسياً”، مشيرة إلى أن الجيش السوداني يعقد صفقات سلاح رسمية مع دول مثل تركيا وروسيا وإيران.
واتهمت شمس الدين الإعلام الإماراتي بـ”صناعة سردية إعلامية زائفة” لتشويه صورة الجيش السوداني، لافتة إلى أن السودانيين أسهموا بشكل كبير في بناء مؤسسات الإمارات منذ تأسيسها، وأنه من المؤسف أن تتحول الدولة التي استقبلت السودانيين إلى طرف في حرب تفتك بوطنهم.
كما اتهمت الإمارات بنهب الموارد السودانية، خصوصاً الذهب من جبل عامر، مشيرة إلى أن هذه السياسات تعزز من قوة ميليشيات الدعم السريع وتُضعف الدولة السودانية.
وفيما يخص الدور الروسي، أكدت شمس الدين أن روسيا استفادت من الذهب السوداني المهرب لتجاوز العقوبات الدولية، مشيرة إلى أن موسكو تُعد أكبر مستورد لهذا الذهب، وقالت إن هناك تفاهمات واضحة بين الحكومة الروسية والجيش السوداني، تشمل صفقات تسليح واستخدام طائرات روسية.
واعتبرت أن “التحركات الروسية في إفريقيا والسودان جزء من مساعي موسكو لتعزيز نفوذها مقابل التغلغل الغربي، خصوصاً في مجال الثروات المعدنية”.
وخلصت شمس الدين إلى أن الحرب في السودان ليست صراعاً داخلياً فحسب، بل حرب مصالح إقليمية ودولية.
وأشارت إلى تقارير عن استخدام قاعدة إماراتية في الصومال لإطلاق صواريخ تجاه مناطق سودانية، لافتة إلى إدانات مصرية وسعودية وقطرية لهذه الهجمات.
واختتمت حديثها بالتأكيد على أن “الضحية الأولى والأخيرة في هذه الحرب هو المواطن السوداني البسيط، الذي يعاني من التهجير والتشريد والقتل والانتهاكات”، داعية المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته في إنهاء هذه المأساة.
من بينها ليبيا والسودان.. أضعف 10 جوازات سفر عربية في 2025