22 يونيو 2025

بعد عقود من سياسة تنظيم النسل، بدأت تونس بمراجعتها وسط مؤشرات مقلقة لتراجع المواليد وشيخوخة المجتمع، ما ينذر بأزمة ديمغرافية تهدد التوازن السكاني والتنمية المستقبلية.

وفي خطوة لافتة تعكس تغيراً في التوجهات الرسمية، كشف وزير الصحة التونسي مصطفى الفرجاني، خلال جلسة برلمانية عُقدت يوم الاثنين، أن وزارته تعمل على إعداد استراتيجية وطنية لتحسين المؤشرات الديمغرافية، بما يضمن توازناً بين التركيبة السكانية ومتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية خلال السنوات المقبلة.

وقال الفرجاني إن بلاده تواجه تراجعاً ملحوظاً في معدل الولادات، وفقاً للمعطيات الإحصائية المستخلصة من التعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2024، محذراً من أن هذا التراجع “يدق ناقوس الخطر” بشأن مستقبل النمو الديمغرافي في البلاد، ويدعو إلى تبني سياسة جديدة تشجع على الإنجاب.

ووفق الإحصاءات الرسمية التي أعلنت عنها السلطات قبل أسبوعين، فإن المجتمع التونسي يشهد تراجعاً مقلقاً في عدد الأطفال والشباب، يقابله ارتفاع في نسبة كبار السن، حيث بلغت نسبة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و4 سنوات نحو 5.8% فقط من مجموع السكان، بينما بلغت نسبة الفئة العمرية من 5 إلى 14 سنة حوالي 17%، وفي المقابل، ارتفع مؤشر الشيخوخة إلى 73.9%.

وتعكس هذه الأرقام تحولات ديمغرافية عميقة، تُنذر بتحديات اقتصادية واجتماعية ومالية في المستقبل القريب، خصوصاً في ظل تصاعد متوسط الأعمار مقابل تراجع معدلات الزواج والإنجاب، وتخشى السلطات من أن يؤدي هذا التوازن المختل إلى نقص في اليد العاملة، وتراجع في الإنتاجية، وارتفاع في كلفة الرعاية الصحية والاجتماعية لفئة كبار السن، وهو ما يشكل تهديداً على المدى المتوسط لطموحات البلاد التنموية.

ورغم أن تونس ما زالت تروّج لنفسها كأمة شابة، فإن هذه الهوية الديمغرافية باتت مهددة، إذ تظهر الأرقام أن عدد المواليد في انخفاض مستمر، وأن غالبية الأسر أصبحت تكتفي بطفل أو اثنين، وهو ما يختلف حتى عن سقف الثلاثة أطفال الذي حددته السياسات القديمة لتنظيم الأسرة.

ويعزو مراقبون هذا التغير إلى عوامل متعددة، أبرزها الصعوبات الاقتصادية وغلاء المعيشة، وارتفاع تكاليف الزواج وتربية الأطفال، فضلاً عن التغيرات في نمط الحياة وتطلعات الشباب.

ورغم أن الدولة وفرت منذ ستينيات القرن الماضي تسهيلات كبيرة في مجال تنظيم الأسرة، بما في ذلك وسائل منع الحمل، فإن الحكومة اليوم تجد نفسها مضطرة لإعادة النظر في هذه السياسة، في محاولة لاستعادة التوازن الديمغرافي الذي أصبح أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

تونس.. إحالة عشرات الأشخاص إلى قسم “مكافحة الإرهاب”

اقرأ المزيد