في مشهد يعكس تصاعد الضغوط الاقتصادية، تسرّع الحكومة المصرية من وتيرة بيع أصولها العامة، وفي مقدمتها المستشفيات وشركات الأدوية، استعدادا للمراجعة الخامسة لصندوق النقد الدولي، المقررة قريبا ضمن برنامج قرض بقيمة 8 مليارات دولار، حصلت القاهرة منه حتى الآن على 3.2 مليار دولار.
ومع اقتراب موعد زيارة بعثة الصندوق، عاد ملف الطروحات الحكومية إلى الواجهة بقوة، وسط تحركات رسمية مكثفة لتحفيز الاستثمارات الخليجية، خاصة من الكويت وقطر، في محاولة لامتصاص جزء من العجز المالي الحاد وتخفيف ضغط الديون.
وكشفت صحيفة “البورصة” عن آخر تطورات الطروحات، التي أكدت وجود مفاوضات نشطة بين صناديق استثمارية خليجية (سعودية، إماراتية، قطرية وكويتية) لشراء حصص استراتيجية في عدد من المستشفيات العامة وشركات الأدوية المصرية، ضمن صفقات يتراوح متوسط قيمة الواحدة منها بين 30 إلى 40 مليون دولار.
ويأتي هذا التوجه في ظل قانون جديد أُقر في مايو 2024، يمنح المستثمرين حق إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية لفترات تتراوح بين 3 و15 عاما، وهو ما أثار اعتراضات واسعة من نقابة الأطباء، التي حذّرت من تدهور مستوى الخدمات وحرمان الفقراء من العلاج.
وأظهرت تداعيات هذا المسار خلال أبريل الماضي، مع تكدس مرضى الأورام أمام مستشفى “هرمل”، بعد أن مُنح التزام تشغيله لمعهد “جوستاف روسيه” الفرنسي، ما أثار الشكوك حول جدوى الخصخصة في قطاع صحي يعاني أصلا من الهشاشة.
ولم تتوقف الطروحات عند القطاع الصحي، إذ تم الإعلان أيضا عن خصخصة إدارة 11 مطارا مصريا، بالإضافة إلى التحضير لبيع حصص من شركات تابعة للقوات المسلحة، مثل “الوطنية للبترول”، “صافي”، و”سايلو فودز”، عبر الصندوق السيادي المصري، الذي بات اللاعب الأساسي في إدارة ملف التخارج من أصول الدولة.
بالتوازي، تواصل الحكومة المصرية التفاوض مع السعودية والكويت لتحويل ودائعهما في البنك المركزي المصري – والمقدّرة بنحو 9.3 مليار دولار – إلى استثمارات مباشرة، على غرار صفقة “رأس الحكمة” مع الإمارات بقيمة 35 مليار دولار.
وتقود الكويت الآن تحركات استثمارية عبر مجموعة بوخمسين القابضة، التي تسعى لتنفيذ مشاريع عقارية ضخمة في مصر، كما تدرس الاستحواذ على واحدة من أكبر شركات السياحة المصرية بصفقة تقدّر بـ4.9 مليار دولار، في واحدة من أضخم صفقات القطاع.
ومنذ أول قرض مع صندوق النقد عام 2016، غرقت مصر في دوامة الاستدانة الخارجية، حتى بلغ الدين الخارجي أكثر من 155 مليار دولار، والدين العام نحو 13.3 تريليون جنيه، وأمام التزامات سداد تتجاوز 43 مليار دولار في 2025، لم تجد الحكومة سوى بيع ما تبقى من الأصول لتعويض العجز وسد الفجوة التمويلية المقدّرة بـ10 مليارات دولار هذا العام.
وفي سياق متصل، اعتبر الخبير الاقتصادي علاء الدين سعفان، أن مصر دخلت مرحلة “إعادة هيكلة الملكية الوطنية”، محذرا من أن البلاد تُباع “بالجملة” لصالح الصناديق الخليجية مقابل قروض وأقساط وفوائد متراكمة.
وأضاف أن “الوضع تجاوز الحلول التقليدية”، مؤكدا أن الاستمرار في هذا النهج “ينذر بفقدان السيادة الاقتصادية والسيطرة على مقدرات الدولة”.
مصر.. شاب يشعل النيران في شقة خطيبته السابقة انتقاماً بعد فسخ الخطوبة