سلطات مالي تتجه لتشغيل منجم “لولو-غونكوتو” التابع لشركة “باريك غولد” الكندية بإدارة مؤقتة، في خطوة قد تصعّد التوتر مع المستثمرين الأجانب.
وتعقد المحكمة التجارية في العاصمة باماكو، اليوم الخميس، جلسة للنظر في طلب تقدّمت به الحكومة من أجل إعادة فتح المنجم الحيوي وتشغيله تحت إدارة محلية مؤقتة، في وقت نقلت فيه وكالة “رويترز” عن سليمان مايغا، نائب رئيس المحكمة، أن جلسة النظر ستشمل دراسة وتحضير الملف القانوني المتعلّق بالقضية.
ورجّحت ثلاثة مصادر تحدّثت لـ”رويترز” أن يصدر القاضي قراراً يسمح بتنفيذ رغبة الحكومة، ما يُنذر بإدخال العلاقة مع “باريك غولد” في منعطف جديد من التصعيد.
وكانت الشركة الكندية قد أعلنت في وقت سابق أنها تلقّت في 17 أبريل، إشعاراً من السلطات المالية يُلوّح بفرض إدارة مؤقتة على المنجم في حال عدم استئناف العمليات بحلول 20 من الشهر ذاته.
ويعود أصل النزاع بين الحكومة والشركة إلى عام 2023، حين أقرّت السلطات المالية قانوناً جديداً للتعدين، رفع الضرائب على شركات التعدين الأجنبية، ومنح الدولة حصة تصل إلى 30% من المشاريع، بدلاً من النسبة السابقة.
وبعد اتهامات وجّهتها الحكومة للشركات العاملة في القطاع، وعلى رأسها “باريك غولد”، بالتهرب الضريبي وتزوير أرقام الإنتاج، فرضت وزارة المالية غرامات مالية، أعقبها حظر على صادرات الشركة في نوفمبر، بعد تجاهلها الاستجابة للمطالب الرسمية.
وفي بداية 2025، صعّدت السلطات من خطواتها، فصادرت كميات من الذهب من مخازن “باريك غولد” تُقدّر قيمتها بـ317 مليون دولار، واعتقلت عدداً من موظفي الشركة، وأصدرت مذكرات توقيف بحق آخرين.
وبعد ضغوط دولية، تم الإعلان في فبراير عن اتفاق مبدئي بين الحكومة والشركة يقضي بدفع “باريك غولد” نحو 275 مليار فرنك أفريقي 438 مليون دولار مقابل إطلاق سراح أربعة من مديريها المحتجزين، واستعادة الذهب المصادَر، واستئناف النشاط الطبيعي للمنجم.
ولكن الاتفاق لم يُفعّل بالكامل، إذ أكدت الشركة أن الحكومة لم توقّع على البنود المتفق عليها، واتهمت أعضاء في المجلس العسكري الحاكم في مالي بعرقلة التنفيذ سعياً لتحقيق مكاسب شخصية.
وتُعدّ “باريك غولد” واحدة من أهم شركات تعدين الذهب في مالي، حيث أنتجت نحو 19.4 طناً من الذهب في عام 2024، من أصل 51 طناً هو إجمالي إنتاج البلاد، ما يُظهر حجم مساهمتها في الاقتصاد الوطني.
وتملك الشركة الكندية 80% من شركتي “لولو” و”غونكوتو” التابعتين للمجموعة العاملة في المنجم، فيما تحتفظ الدولة المالية بالحصة المتبقية البالغة 20%.
وأدى تصاعد الخلاف بين الطرفين إلى تراجع واضح في الإنتاج بنسبة 23% خلال عام 2024 مقارنة بالعام الذي سبقه، حيث بلغ الإنتاج 66.5 طناً في 2023.
وتخشى دوائر اقتصادية في مالي من أن تؤدي هذه الخطوات إلى تدهور بيئة الاستثمار، وزيادة عزوف الشركات الأجنبية عن العمل في قطاع التعدين الذي يُعدّ مصدراً رئيسياً لعائدات الدولة.
مأساة قبالة السواحل المغربية.. غرق قارب مهاجرين وفقدان العشرات