صرح وزير الداخلية الفرنسي بأن فرنسا “لا تريد الحرب مع الجزائر”، رغم التوترات المتصاعدة بعد رفض الجزائر استقبال مواطنين مطلوب ترحيلهم، وجاء ذلك في خضم أزمة دبلوماسية تشمل قيوداً على دخول شخصيات جزائرية.
في ظل التوترات الدبلوماسية المستمرة بين فرنسا والجزائر، أكد وزير الداخلية الفرنسي برونو لوبتوا أن باريس “لا تريد الحرب مع الجزائر”، مشيراً إلى أن الجزائر هي من “تهاجمنا”.
جاء ذلك خلال تصريحات أدلى بها لوبتوا لإذاعة “سود راديو” اليوم الأربعاء، حيث دعا إلى اعتماد “رد متدرج” تجاه الجزائر في خضم الأزمة الحالية بين البلدين.
تأتي هذه التصريحات بعد رفض الجزائر استقبال قائمة من رعاياها الذين تريد فرنسا ترحيلهم، مما أثار غضب السلطات الفرنسية.
وأوضح لوبتوا أن فرنسا ليست عدائية تجاه الجزائر، لكنها تتعامل مع ما وصفه بـ”هجمات” من الجانب الجزائري، وأضاف أن باريس تسعى إلى حل الأزمة بشكل دبلوماسي، لكنها لن تتردد في اتخاذ إجراءات متدرجة إذا استمرت التوترات.
على صعيد آخر، رفضت محكمة الاستئناف في إكس-أن-بروفانس طلب تسليم الجزائر عبد السلام بوشوارب (72 عاماً)، وزير الصناعة السابق في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.
وبررت المحكمة قرارها بأن تسليم بوشوارب قد يكون له “عواقب خطرة بشكل استثنائي”، مما يعكس تعقيدات العلاقات القانونية والسياسية بين البلدين.
تجددت التوترات بين فرنسا والجزائر بعد هجوم ميلوز الذي وقع في فبراير الماضي، وأسفر عن مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
ورغم صدور مذكرة ترحيل بحق المشتبه به في الهجوم، رفضت الجزائر استقباله، مما أثار غضب السلطات الفرنسية وأعاد فتح النقاش حول كيفية تنظيم الهجرة ومعالجة مشكلة المقيمين غير الشرعيين في فرنسا.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن بلاده فرضت “قيوداً على حركة ودخول الأراضي الوطنية تطال بعض الشخصيات الجزائرية”.
ولم يحدد بارو متى فُرضت هذه القيود أو عدد الشخصيات التي تشملها، لكنه أكد استعداد فرنسا لاتخاذ المزيد من الإجراءات إذا لم يتم استئناف التعاون الفرنسي-الجزائري في هذا المجال.
بدأت التوترات بين البلدين منذ صيف العام الماضي، بعد دعم فرنسا لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، مما أثار غضب الجزائر.
كما ساهمت قضايا أخرى في تصعيد الأزمة، مثل ملاحقة فرنسا لمؤثرين جزائريين تتهمهم بالتحريض على أعمال عنف، بالإضافة إلى اعتقال الجزائر للكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال.
كشفت استطلاعات للرأي أجريت على خلفية التصعيد بين البلدين أن 84% من الفرنسيين يعتقدون أنه يجب على فرنسا تعليق تأشيرات المواطنين الجزائريين بالكامل حتى توافق الجزائر على استعادة مواطنيها الذين تم طردهم من فرنسا بموجب التزامات مغادرة الأراضي الفرنسية.
ويعكس هذا الرأي العام الضغوط المتزايدة على الحكومة الفرنسية لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه الجزائر.
ومع استمرار التوترات، يُتوقع أن تشهد العلاقات الفرنسية-الجزائرية مزيداً من التصعيد، خاصة في ظل الخلافات العميقة حول قضايا الهجرة والسياسة الخارجية.
ومع ذلك، تؤكد فرنسا أنها لا تريد الحرب مع الجزائر، وتسعى إلى حل الأزمة بشكل دبلوماسي، رغم استعدادها لاتخاذ إجراءات متدرجة إذا لزم الأمر.
وتُظهر التوترات الحالية بين فرنسا والجزائر مدى تعقيد العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث تتداخل القضايا السياسية والقانونية والهجرة في خلق أزمات متكررة.
ويبقى السؤال حول إمكانية تجاوز هذه الأزمات من خلال الحوار الدبلوماسي، أو أن العلاقات ستشهد مزيداً من التدهور في الفترة المقبلة.
الجزائر.. “سوناطراك” و”أوكسي” توسعان شراكتهما عبر اتفاقية جديدة لاستكشاف المحروقات