سوق الإيجارات في مصر شهدت تغيرات كبيرة بعد تدفق أكثر من مليون سوداني منذ 2023، ما تسبب في ارتفاع الأسعار خاصة بمناطق فيصل والهرم وحدائق الأهرام وعين شمس وأكتوبر وزايد.
ولكن مع بداية عام 2025، ومع عودة أكثر من 122 ألف سوداني إلى بلادهم نتيجة لتحسن الأوضاع الأمنية في الخرطوم، بدأت موجة من التراجع الملحوظ تضرب السوق، وظهرت بوادر انخفاض في أسعار الإيجارات تجاوزت 50% في بعض المناطق الشعبية.
وشهدت الطالبة الجامعية إنجي ناصر على ذروة الأزمة، حين اضطرّت إلى مغادرة شقتها في شارع فيصل، بعد أن قررت المالكة تأجيرها لمقيم سوداني بثلاثة أضعاف السعر السابق، وهو ما أجبرها وصديقاتها على الانتقال إلى مناطق أقل طلباً مثل مصر القديمة، حيث لا يزال الوجود السوداني محدوداً.
وبدوره، أشار علاء الشيخ، رئيس مجلس إدارة شركة “أسيت تاب” للتسويق العقاري، إلى أن الطفرة في الأسعار خلال 2023 و2024 دفعت الكثير من الملاك إلى المبالغة في التسعير، خاصة مع تركّز الوافدين السودانيين في الأحياء الشعبية، لكن الوضع تغيّر مع بداية هذا العام، وبدأت الأسعار بالهبوط تدريجياً نتيجة تراجع الطلب.
وأكد سمسار العقارات خالد القيسي، العامل في منطقتي فيصل والهرم، أن الأسعار شهدت تراجعاً كبيراً، إذ هبطت الإيجارات غير المفروشة من 7-9 آلاف جنيه إلى نحو 2000-3000 جنيه، كما انخفضت إيجارات الشقق المفروشة من أكثر من 60 ألف جنيه إلى أقل من 50 ألفاً.
وأما في أكتوبر والشيخ زايد، فقد بدأ الانخفاض متأخراً، حسبما أوضح الشيخ، حيث كانت الأسعار ارتفعت بنسبة 50% على الأقل خلال الذروة، لكن خروج أعداد كبيرة من السودانيين خفف الضغط، ما دفع الملاك إلى خفض الأسعار لتفادي الشغور.
ولم تقتصر التغيّرات على الشقق السكنية فقط، بل وصلت إلى المحال التجارية أيضاً، إذ أشار السمسار عمر سعيد إلى أن بعض المحال أصبحت شاغرة بعد مغادرة أصحابها السودانيين الذين افتتحوا مشاريع صغيرة كالمخابز والمطاعم والملابس خلال فترة النزوح.
ورغم هذه التراجعات، فإن مناطق مثل المهندسين والدقي لم تتأثر كثيراً، وفقاً للسمسار محمد الأسواني، الذي أوضح أن هذه الأحياء كانت خارج نطاق الكثافة السودانية بسبب ارتفاع أسعارها، التي تبدأ من 10 آلاف جنيه وتصل إلى نحو 95 ألفاً للوحدات المفروشة الكبيرة.
وفي توقعات مستقبلية، رجّح مدير مكتب “جيه إل إل – JLL مصر”، أيمن سامي، أن تستمر موجة التراجع في أسعار الإيجارات خلال الربع الأول من عام 2025، بعد ارتفاعها بنسبة 108% في نهاية 2024، مشيراً إلى عدة عوامل ستدفع الأسعار للانخفاض، من أبرزها مغادرة الأجانب، وتراجع القدرة الشرائية، واستمرار معدلات التضخم، وانخفاض سعر الفائدة، ما يدفع الملاك إلى تقديم تسهيلات للحفاظ على إشغال الوحدات.
وفي ظل وجود نحو 12.5 مليون وحدة سكنية مغلقة في مصر، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن ضخ جزء من هذا المعروض في السوق قد يدعم مزيداً من الاستقرار السعري في الفترة المقبلة.
الهيئة العامة للدواء في مصر تقرر سحب ثلاثة أدوية من الأسواق