كشف قيس سعيّد، الرئيس التونسي عن عزم بلاده تعزيز جهود استرداد الأموال المنهوبة، معتبراً إياها حقاً أصيلاً للشعب، وفي سياق أزمة اقتصادية، شدد على أهمية السيادة الوطنية، حيث لم تستعد تونس سوى 28 مليون يورو منذ ثورة 2011، بينما تقدر الأموال المهربة بمليارات الدولارات.
أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد عن عزم بلاده مضاعفة الجهود لاسترداد الأموال المنهوبة، خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن القومي خصص لمناقشة هذا الملف الشائك.
وشدد الرئيس على أن هذه الأموال تمثل “حقاً أصيلاً للشعب التونسي”، معرباً عن رفضه للتعقيدات القضائية التي تعيق عملية الاسترداد.
جاءت تصريحات سعيّد في سياق متصاعد من التحديات الاقتصادية التي تواجهها تونس، حيث أشار إلى أن بعض الدول الإفريقية لم تستطع استعادة سوى “فتات” من أموالها المهربة، محذراً من تكرار هذا السيناريو.
وأكد أن تونس “دولة ذات سيادة كاملة لا تقبل الوصاية”، في إشارة واضحة إلى تمسكه بإدارة الملف بعيداً عن أي ضغوط خارجية.
وتعاني تونس من صعوبات جمة في استعادة أموالها المهربة منذ ثورة 2011، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى أن المبالغ المستردة لم تتجاوز 28 مليون يورو فقط، رغم أن التقديرات تشير إلى وجود مليارات الدولارات مجمدة في مصارف دولية.
وتتنوع أشكال هذه الثروات بين أرصدة بنكية في سويسرا وفرنسا، وعقارات فاخرة في إسبانيا والإمارات، بالإضافة إلى استثمارات في كندا ولوكسمبورغ، ويخوت ومجوهرات ثمينة.
من جانبه، حذر الخبير الاقتصادي جمال الدين العويديدي من استمرار نزيف العملة الصعبة عبر آليات متطورة للتهريب، مشيراً إلى التلاعب بفواتير التجارة الخارجية وتضخيم الكميات المستوردة.
وكشف عن أن العجز التجاري بلغ 8.5 مليار دينار بنهاية مايو الماضي، مسجلاً زيادة قدرها 2.5 مليار دينار مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وكان الرئيس سعيّد قد شكل لجنة خاصة عام 2020 لمتابعة الملف، لكن نتائج عملها لم تحقق الاختراقات المرجوة حتى الآن.
ويواجه الملف تعقيدات إضافية بسبب تبييض بعض هذه الأموال عبر استثمارات محلية مشبوهة، وضعف التنسيق بين المؤسسات المالية المعنية.
يرى مراقبون أن نجاح تونس في استرداد هذه الأموال قد يشكل منعطفاً حاسماً في مسارها الاقتصادي، حيث يمكن استخدامها لتمويل مشاريع البنية التحتية أو تخفيف أعباء الديون الخارجية.
إلا أن ذلك يبقى مرهوناً بتوفر إرادة سياسية حقيقية، وإصلاحات قانونية جذرية، وتعاون دولي أكثر فعالية.
في ظل هذه التحديات، يبدو أن معركة استعادة الأموال المنهوبة ستظل اختباراً مهماً لمصداقية النظام الحالي وقدرته على تحقيق طموحات التونسيين الذين ينتظرون منذ سنوات عودة هذه الثروات لإنقاذ اقتصادهم المتعثر.
“فيفا” يمنع 8 أندية تونسية من التعاقدات بسبب الديون