18 مايو 2025

تقرير أعدّه فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالسودان كشف عن مصادر تمويل الجماعات المسلحة في إقليم دارفور، والتي تشمل تهريب الصمغ العربي والذهب والأسلحة.

وأوضح التقرير أن النزاع أتاح فرصة واسعة لتوسيع أنشطة التجارة غير القانونية، مما ساهم في تمويل الجماعات المسلحة وتأجيج الصراع.

وذكر أن قادة قوات الدعم السريع في مدينة نيالا بجنوب دارفور أقرّوا بحدوث عمليات نهب كبيرة للصمغ العربي وغيرها من السلع، جرى التغاضي عنها باعتبارها “تعويضاً للمقاتلين لضمان استمرارهم في القتال”.

وأشار التقرير إلى أن حميدان محمد، تحت قيادة صالح الفوتي، أشرف على عمليات النهب في نيالا، إلى جانب بخيت إبراهيم، قائد ميليشيا متحالفة مع الدعم السريع، والذي كان يسيطر على الطرق الحيوية لنقل الصمغ بين نيالا وزالنجي والجنينة.

وتم تهريب كميات كبيرة من الصمغ العربي عبر معبر أدري الرابط بين ولاية غرب دارفور وتشاد، ومنطقة أم دخن بوسط دارفور إلى تشاد، ومنطقة أم دافوق بجنوب دارفور إلى إفريقيا الوسطى، وعبر الضعين إلى مدينة أويل في جنوب السودان.

ويستحوذ السودان على نحو 80% من الإنتاج العالمي للصمغ العربي، إلا أن النزاع تسبب في انخفاض الإنتاج من 150 ألف طن إلى 60 ألف طن سنوياً، ونتيجة لذلك، ارتفع سعر القنطار محلياً من 75 ألف جنيه إلى 400 ألف جنيه (نحو 665 دولاراً)، فيما ارتفع سعره عالمياً من 2200 إلى 4000 دولار للقنطار الواحد، وقدّر التقرير أن خسارة 90 ألف طن من الصمغ بسبب النزاع تعني فقدان إيرادات تقارب 198 مليون دولار.

وأفاد تجار محليون في شرق وجنوب دارفور للفريق الأممي بأن نحو 3,700 طن من الصمغ العربي نُهبت بين يناير ويونيو 2024، بينما أكد التقرير أن التجار في زالنجي والمجلد والجنينة تعرضوا لعمليات نهب نفذتها قوات الدعم السريع وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي.

ولفت التقرير إلى أن الدعم السريع فرض رسوماً على كل شاحنة محمّلة بالصمغ العربي تصل إلى مليون جنيه (نحو 512 دولاراً) في منطقتي الرقيبات والنعام على حدود جنوب السودان، إلى جانب زكاة بقيمة 100 ألف جنيه (51 دولاراً).

وتمر أسبوعياً نحو 10 شاحنات و20 مركبة صغيرة محمّلة بالصمغ عبر هذه النقاط خلال فصل الصيف، ما يدرّ على قوات الدعم السريع إيرادات تصل إلى 20.5 مليون دولار شهرياً.

وتتراوح الكميات التي تصل إلى الحدود التشادية عبر المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع بين 50 إلى 70 ألف طن سنوياً، بينما تصل الكميات المنقولة إلى ليبيا عبر بلدة الطينة، في طرق يسيطر عليها الجيش وقوات مناوي، إلى ما بين 30 و40 ألف طن خلال الفترة من أبريل إلى أكتوبر 2024.

وفي ما يتعلق بتمويل الجماعات عبر الذهب، كشف التقرير عن تحالف بين حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور وقوات الدعم السريع، سمح ببيع الذهب المستخرج من منجم كيدينير شرق جبل مرة إلى قوات الدعم السريع وتجار مرتبطين بها.

وأوضح أن هذه العملية تتم عبر عبد القادر عبد الرحمن إبراهيم المعروف بـ “قدورة” ومجيب الرحمن الزبير، أحد أقارب عبد الواحد نور.

ويُنتج المنجم ما بين 2 إلى 3 كيلوغرامات من الذهب يومياً، بسعر رسمي يصل إلى 85 ألف دولار للكيلو، بينما يُباع في المناجم بنحو 72 ألف دولار. ويُعتقد أن هذا التحالف ساعد في توسعة القاعدة المالية لحركة عبد الواحد نور بشكل كبير.

وفي جانب الأسلحة، أورد التقرير أن الدعم السريع اشترى نحو 200 مركبة دفع رباعي من المدنيين في مناطق الضعين وأبو مطارق وعسلاية والفردوس بشرق دارفور خلال أكتوبر 2024، وتمت عمليات الشراء نقداً دون تسجيل رسمي، بإشراف الفاتح قرشي وذكريا محمد.

وأفاد التقرير بأن الدعم السريع اعتمد استراتيجية لا مركزية لتخزين الأسلحة، وذلك للحد من مخاطر الضربات الجوية، ووسّع خطوط إمداده اللوجستي عبر تشاد وليبيا، بالإضافة إلى استخدام مطار نيالا الذي تهبط فيه طائرات ليلاً باستخدام معدات هبوط بالأشعة تحت الحمراء.

وأنشأت قوات الدعم السريع مركز قيادة لوجستية في منطقة بئر مرقي شمال دارفور، نظراً لموقعها الاستراتيجي على مفترق طرق يربط أم جرس والفاشر، ما جعلها محوراً رئيسياً لتوزيع الإمدادات القادمة من شرق تشاد وجنوب ليبيا نحو جبهات القتال.

كما اعتمدت القوات على شبكة من القادة المتنقلين ذوي العلاقات العميقة العابرة للحدود، أبرزهم عبد الله التيجاني شغب، الذي انشق عن حركة مناوي عام 2017، ويلعب دوراً محورياً في تنسيق نقل الإمدادات من دار زغاوة نحو الخرطوم وخطوط المواجهة الأمامية.

ومن الشخصيات الأخرى الفاعلة في هذا المجال فضيل الناجي ومحمد بخيت عجب الدور الملقب بـ “دويدوي”، وهما عضوان سابقان في مجلس الصحوة الثوري، ويقومان بتنسيق الخدمات اللوجستية بين دارفور، تشاد، وجنوب ليبيا.

وذكر التقرير أن الدعم السريع قيّد وصول المدنيين إلى مطار نيالا، وشوهدت قوافل من ثلاث إلى أربع شاحنات تغادر المطار بعد هبوط الطائرات مباشرة.

وحدد التقرير مسارين رئيسيين لنقل الإمدادات من نيالا، الأول باتجاه منواشي ثم تابت إلى الفاشر، والثاني عبر الدومة مروراً بشنقل إلى خزان جديد، ثم إما نحو الفاشر أو ودعة والكومة فالخرطوم.

وأشار التقرير إلى أن انتشار الأسلحة ساهم في نمو الأسواق السوداء في دارفور، لا سيما في سوقي “الملجة” و”القدرة” بمدينة نيالا، حيث تُباع الأسلحة المنهوبة من الجيش، بما في ذلك بنادق FN FAL عيار 7.62×51 ملم بسعر مليون ونصف المليون جنيه (نحو 600 دولار).

وأكد فريق الخبراء أن التقرير تم تعميمه على أعضاء مجلس الأمن الدولي، في إطار دعم لجنة العقوبات الخاصة بمراقبة حظر الأسلحة المفروض على كافة الأطراف في دارفور.

الأمم المتحدة تدعو ليبيا لتبني سياسات صارمة لمكافحة الاتجار بالبشر

اقرأ المزيد