18 يوليو 2025

مجلس الوزراء التشادي صادق مؤخراً على خطة التنمية الوطنية الجديدة المعروفة باسم “تشاد كونيكسيون 2030″، والتي تسعى إلى جذب نحو 30 مليار دولار من الاستثمارات العامة والخاصة، بهدف فك عزلة البلاد وتنويع اقتصادها.

وتطمح الخطة إلى تحقيق نمو اقتصادي بمعدل 8% خلال السنوات الخمس المقبلة، مع مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 60% وانتشال 2.5 مليون مواطن تشادي من دائرة الفقر، وتهدف إلى استغلال الموقع المركزي لتشاد في قلب القارة الإفريقية لتحويلها إلى مركز لوجستي إقليمي.

وفي هذا السياق، أكد وزير المالية التشادي، حامد طاهر انقلين، الذي ساهم في إعداد الخطة، أن “جميع الممرات الإفريقية الكبرى، من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، تمر عبر تشاد”، مضيفاً أن مصطلح “كونيكسيون” يعكس التوجه نحو التموضع كمركز عبور حيوي وتوفير البنى التحتية اللازمة لضمان الملاحة الفعالة في بحيرة تشاد باستخدام العبارات والموانئ والأرصفة.

ويلاحظ محلل شؤون وسط إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، شارل بويسيل، أن هذه الخطة بالغة الطموح، معتبراً أن لدى تشاد قدرات تمويلية أكبر من جيرانها في المنطقة نظراً لانخفاض مستوى ديونها التي لا تتجاوز 30% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بديون الكونغو التي تزيد ثلاثة أضعاف.

وقد خرجت تشاد من فترة معقدة لسداد القروض مقابل براميل النفط لشركة “غلينكور”، مما يعزز قدرتها على توجيه العائدات النفطية نحو الاستثمار في التنمية، وتحظى الخطة بدعم صندوق النقد الدولي من خلال التسهيل الائتماني الموسع.

ويعتمد برنامج “ترابط تشاد 2030” على مفهوم الارتباط الشامل: الارتباط الجغرافي، والمادي، والرقمي، وكذلك الارتباط بتاريخ البلاد كمهد للإنسانية وبإمكاناتها الاقتصادية المستقبلية، وتبلغ قيمة الاستثمارات المتوقعة نحو 18 ألف مليار فرنك إفريقي، موزعة على 268 مشروعاً استراتيجياً وإصلاحاً تنموياً، من بينها 133 مشروعاً وإصلاحاً هيكلياً.

وتستند الخطة إلى عدد من الركائز الأساسية، على رأسها الموارد الطبيعية الواسعة والطاقات البشرية الشابة، حيث يبلغ عدد سكان البلاد نحو 19 مليون نسمة معظمهم من الشباب، وتضم مساحات زراعية قابلة للاستغلال تتجاوز 39 مليون هكتار، إضافة إلى ثروة حيوانية تتجاوز 140 مليون رأس، كما أن تشاد تنتج أكثر من 10 أطنان من الذهب سنوياً بشكل حرفي، إلى جانب الإمكانات النفطية.

وفي قطاع البنية التحتية، تركز الخطة على تحسين الممرات والطرق الرئيسية، وتوسيع شبكة النقل البري والنهري، بما في ذلك تطوير الموانئ والعبّارات بهدف تعزيز التبادل التجاري مع نيجيريا ودول الجوار، في إطار اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (ZLECAF).

وأما في قطاع المياه، فتهدف الخطة إلى ضمان وصول مياه الشرب إلى 11 مليون مواطن إضافي، بينما تسعى في مجال الطاقة إلى رفع نسبة الولوج إلى الكهرباء إلى 60% على المستوى الوطني و90% في المناطق الحضرية بحلول عام 2030، معتمدة على الطاقة الشمسية.

كما تخطط تشاد لتحقيق تغطية إنترنت تصل إلى 80% لتكون من الدول الرائدة في منطقة الساحل في مجال التحول الرقمي.

ويشكل تطوير رأس المال البشري محوراً رئيسياً للخطة، إذ تستهدف تحقيق معدل التحاق بالتعليم الابتدائي يصل إلى 80% والثانوي إلى 60%، مع تركيز خاص على تعليم الفتيات وسكان المناطق النائية، كما تسعى الحكومة إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية وزيادة متوسط العمر المتوقع إلى أكثر من 60 عاماً بحلول نهاية العقد.

وتتضمن الخطة طموحات اقتصادية محددة، منها مضاعفة الإنتاجية الزراعية، وتنمية قطاع الثروة الحيوانية والصناعات المرتبطة به ليصبح رافعة للتصدير، وتطوير قطاع التعدين بحيث يسهم بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى مضاعفة الصادرات غير النفطية والترويج لمنتجات “صنع في تشاد” والتوسع في السياحة.

وتنص الخطة أيضاً على تعزيز مناخ الأعمال من خلال تبسيط الإجراءات الجمركية والضريبية وتحسين العدالة التجارية وتقليص زمن تسوية النزاعات، فضلاً عن تطوير قوانين العمل والإقامة لاستقطاب الكفاءات الأجنبية.

وعلى المستوى المؤسساتي، تقوم الخطة على إعادة تركيز الدولة على وظائفها السيادية والتنظيمية، وتعزيز اللامركزية مع فرض معايير الشفافية والمساءلة والمنافسة، إضافة إلى الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية لتحسين الخدمات العامة وتخصيص الموارد بشكل فعال.

وتولي تشاد اهتماماً خاصاً بالاندماج الاجتماعي، من خلال ضمان وصول الفئات الهشة من نساء وشباب ونازحين ومعاقين ولاجئين إلى الخدمات العامة والإسكان، كما تركز الخطة على إشراك القطاع الخاص الوطني والدولي ليس فقط في التمويل، بل في إدارة المخاطر وتنفيذ المشاريع، بما في ذلك تحفيز ريادة الأعمال المحلية.

وتتضمن “تشاد كونيكسيون 2030” كذلك استراتيجية للتكيف مع تغير المناخ وتعزيز مرونة المجتمعات والمناطق الحضرية في مواجهة التحديات البيئية.

ويمثل البرنامج، وفق الحكومة، نقطة تحول تاريخية للبلاد وخطوة نحو بناء تشاد حديثة شاملة مزدهرة ومرنة، قادرة على الاضطلاع بدور استراتيجي في قلب القارة الإفريقية.

مصر توسع نفوذها في القارة الإفريقية بتعزيز التعاون مع كينيا

اقرأ المزيد