رغم استمرار القطيعة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب منذ نحو أربع سنوات، شهدت الحدود بين البلدين حدثاً استثنائياً تمثل في فتحها مرتين في شهري فبراير الماضي، ومارس الحالي.
وجاء ذلك لتسليم 74 مغربياً كانوا محتجزين لدى السلطات الجزائرية بعد توقيفهم أثناء محاولتهم الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، بحسب “الجمعية المغربية لمساعدة المهاجرين في وضعية صعبة”.
ويأتي هذا التطور رغم التوترات السياسية العميقة وإغلاق الحدود البرية منذ عام 1994، حيث لم يمنع الجمود السياسي من استمرار بعض أشكال التعاون الأمني المحدود، خصوصاً في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية.
وأعلنت الجمعية أن عمليات التسليم جرت على دفعتين، الأولى في 27 فبراير الماضي وشملت 42 شخصاً، والثانية في 6 مارس وضمت 32 آخرين، وتمت العملية عبر معبر “زوج أبغال” من الجانب المغربي و”العقيد لطفي” من الجانب الجزائري، وهو ما يعكس تنسيقاً إدارياً بين البلدين رغم انقطاع العلاقات السياسية الرسمية.
وأكدت الجمعية أن هؤلاء المهاجرين المغاربة احتُجزوا لفترات متفاوتة، بعضهم داخل السجون الجزائرية وآخرون في مراكز احتجاز إدارية لعدة أشهر.
وكشفت الجمعية أن بعض المهاجرين الذين أُفرج عنهم واجهوا صعوبات إضافية، حيث بقي أربعة منهم في السجن لشهرين إضافيين بسبب عدم تمكنهم من دفع الغرامات المفروضة عليهم.
وأوضحت أن المفرج عنهم يتحدرون من 20 محافظة مغربية مختلفة، مما يعكس مدى انتشار ظاهرة الهجرة غير النظامية في المغرب واتساع دائرة المتضررين منها.
ولم تقتصر مطالب الجمعية على تسريع إعادة المحتجزين، بل دعت أيضاً إلى استكمال تسليم جثث ستة مغاربة لقوا حتفهم أثناء محاولتهم العبور نحو أوروبا، بينهم فتاتان من المنطقة الشرقية.
وأشارت إلى أن هذه الحالات ليست معزولة، حيث تعمل الجمعية على ملف يضم أكثر من 520 مهاجراً مغربياً محتجزاً في دول مختلفة، منها الجزائر وتونس وليبيا.
وأكدت مصادر حكومية جزائرية أن عمليات التسليم تمت بالتنسيق مع القنصليات المغربية في الجزائر ووهران وتلمسان، ما يبرز استمرار قنوات التواصل في القضايا ذات الطابع الإنساني والأمني، رغم القطيعة الدبلوماسية.
وبينما تحاول الجمعيات الحقوقية التركيز على الجانب الإنساني للقضية، فإن هذه التحركات لا تعني بالضرورة تحسناً في العلاقات بين البلدين، فمنذ قرار الجزائر قطع العلاقات مع المغرب في 24 أغسطس 2021، ظلت الأجواء السياسية متوترة، خصوصاً بعد وقف الجزائر إمدادات الغاز للمغرب عبر خط الأنابيب الذي يعبر أراضيها إلى إسبانيا.
وقد تفاقمت الخلافات بسبب دعم الجزائر لجبهة البوليساريو في ملف الصحراء، وهو النزاع الأساسي الذي يعرقل تطبيع العلاقات بين البلدين منذ عقود.
ليبيا.. المجلس الأعلى للدولة يفضل المغرب لاستضافة المحادثات الجديدة