سلط تحليل حديث من معهد “بروكينجز” الضوء على تداعيات اتفاقية الهجرة بين إيطاليا وليبيا، محذراً من اعتمادها على جماعات مسلحة غير رسمية وأنها قد تهدد الاستقرار، ورغم خفض الهجرة بنسبة 60%، تواجه إيطاليا تحديات أمنية وسياسية كبيرة.
في تحليل معمق نشرته مجموعة بحثية أوروبية متخصصة، سلطت الباحثة في معهد “بروكينجز” فيدريكا فاسانوتي الضوء على التداعيات الخطيرة لاتفاقية الهجرة بين إيطاليا وليبيا، التي تم توقيعها عام 2017 ويتم تجديدها سنوياً.
وأشارت إلى أن هذه الاتفاقية، رغم نجاحها في خفض تدفقات الهجرة غير الشرعية بنسبة 60% خلال العام الحالي، إلا أنها تعتمد بشكل أساسي على هياكل حكم غير رسمية تسيطر عليها الجماعات المسلحة، مما يهدد الاستقرار في جنوب المتوسط ويقوض مصداقية إيطاليا الإقليمية.
وحققت إيطاليا مكاسب اقتصادية مهمة من خلال هذه الشراكة، أبرزها صفقة الطاقة الضخمة بقيمة 8 مليارات دولار مع شركة “إيني” الإيطالية، بالإضافة إلى تعاون واسع في مجالات الصيد البحري والبنية التحتية والرعاية الصحية، كما أسفرت هذه العلاقة عن استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين بعد انقطاع دام سنوات.
لكن هذه المكاسب تقابلها تحديات أمنية وسياسية جسيمة، حيث أشارت الباحثة إلى تدهور الأوضاع في العاصمة الليبية طرابلس بعد اغتيال رئيس جهاز دعم الاستقرار عبدالغني الككلي في مايو الماضي، وما تبعه من صراع على النفوذ بين الميليشيات المسلحة، بما في ذلك “قوة الردع الخاصة” بقيادة عبدالرؤوف كارة.
ولفت التحليل إلى أن رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة وجد نفسه مضطراً لإصدار بيان غير مسبوق في منتصف مايو، اعترف فيه بتوسع نفوذ التشكيلات المسلحة بشكل مفرط وسيطرتها على المشهد السياسي والاقتصادي.
وقد اعتبرت الباحثة أن هذا البيان يمثل نقطة تحول في سياسات حكومة طرابلس، من شأنها أن تعقد جهود روما في شمال أفريقيا.
وتطرح الدراسة سيناريوهين محتملين للمستقبل: الأول يفترض نجاح إيطاليا في لعب دور الوسيط الفعال بين الأطراف الليبية مع الحفاظ على تدفق الهجرة تحت السيطرة، لكنها تستبعد هذا الاحتمال في ظل الأوضاع الحالية التي تشبه “الدولة الإقطاعية” أكثر من الدولة الفاعلة.
أما السيناريو الثاني، وهو الأكثر ترجيحاً حسب التحليل، فيتوقع فشل الاستراتيجية الإيطالية، مع تجدد العنف في طرابلس وانهيار حكومة الوحدة الوطنية، مما سيجبر روما على إعادة التفاوض بشروط أقل ملاءمة، مع ما يحمله ذلك من تبعات على سمعتها الإقليمية.
ويأتي هذا التحليل في وقت تشهد فيه ليبيا تصاعداً في حدة التوترات الأمنية، بينما تواصل أوروبا سعيها الحثيث لإيجاد حلول لأزمتي الهجرة والطاقة، في إطار تنافس دولي محموم على النفوذ في شمال إفريقيا.
تونس.. إحباط 50 محاولة للهجرة غير الشرعية خلال 72 ساعة