05 ديسمبر 2025

وفاة الإعلامية المصرية عبير الأباصيري، أعادت الجدل حول حق المواطنين في الحصول على العلاج الطارئ داخل المستشفيات الحكومية والخاصة، وألقت الضوء على ثغرات خطيرة في المنظومة الصحية.

وتزامن ذلك مع قرار عاجل أصدره وزير الصحة والسكان، خالد عبد الغفار، يقضي بإتاحة العلاج الفوري والمجاني لجميع الحالات الطارئة دون أي شروط مالية مسبقة.

القرار الوزاري الجديد، الذي يهدد المستشفيات الخاصة المخالفة بالغلق الفوري، ومسؤولي المستشفيات الحكومية بالإحالة للتحقيق في حال التقصير، جاء ليفتح باب التساؤلات حول فعالية الرقابة على المستشفيات ومدى قدرة الدولة على إنهاء ظاهرة “رفض استقبال الحالات” التي تهدد حياة المرضى.

وأكد الوزير أن حق المواطن في العلاج الفوري والمجاني في أقسام الطوارئ مكفول بالقانون، وأن الوزارة ملتزمة بتنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1063 لسنة 2014 الذي يلزم المستشفيات كافة – حكومية وخاصة – بتقديم العلاج الطارئ مجانا خلال أول 48 ساعة وعلى نفقة الدولة.

وكانت وفاة الإعلامية عبير الأباصيري قد أثارت انتقادات واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد اتهامات لمستشفى خاص برفض استقبالها وتأخير علاجها لنحو ست ساعات، بسبب طلب دفع مبلغ 1400 جنيه (نحو 50 دولاراً).

ورغم نفي وزارة الصحة أن يكون هذا المبلغ مقابل العلاج، مؤكدة أنه رسوم للحصول على نسخة من الأشعة وأن المريضة تلقت الإسعافات الطارئة فور دخولها، إلا أنها أعلنت فتح تحقيق عاجل في ملابسات الواقعة.

وعلى خلفية هذه التطورات، تقدمت النائبة مها عبد الناصر بسؤال برلماني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة، طالبت فيه بتوضيح آليات تطبيق مجانية العلاج في أقسام الطوارئ بجميع المستشفيات، مشيرة إلى أن القرار ليس جديداً، لكنه يعاني من غياب آليات واضحة للتنفيذ.

وقالت النائبة إن أزمة تطبيق القرار تتمثل في عدم وضوح آليات التمويل، فضلاً عن أوجه القصور في المنظومة الصحية مثل نقص المستشفيات والأسرة والأطباء مقارنة بالمعايير العالمية، مؤكدة أن وفاة الأباصيري ليست حالة فردية بل “ناقوس خطر” يكشف حجم المأساة.

ومن جانبه، قلّل الدكتور محمد حسن خليل، المقرر المساعد للجنة الصحة في “الحوار الوطني”، من جدوى القرار الجديد واعتبره “تحصيل حاصل”، قائلا إنه لا يطبق فعليا إلا في عدد محدود من المستشفيات بسبب ضعف الإمكانيات.

وأشار خليل إلى وجود عجز كبير في التجهيزات والأدوية والأطباء داخل أقسام الطوارئ، إضافة إلى تراجع عدد الأسرة المتاحة في المستشفيات الحكومية.

ووفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، انخفض عدد الأسرة في المستشفيات الحكومية من 98 ألف سرير عام 2013 إلى 83 ألفا عام 2021، في مقابل ارتفاع عدد الأسرة في المستشفيات الخاصة من 26 ألفا إلى أكثر من 34 ألف سرير خلال الفترة نفسها.

وبحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، يبلغ معدل توافر الأسرة في مصر 1.2 سرير لكل ألف شخص فقط، مقارنة بالمعيار العالمي البالغ 3 أسرة لكل ألف، وهو ما يعكس فجوة كبيرة بين قدرات القطاع الصحي والاحتياجات الفعلية لمجتمع يتجاوز عدد سكانه 108 ملايين نسمة.

ودعت النائبة مها عبد الناصر إلى وضع إطار عملي ملزم لتطبيق مجانية العلاج الطارئ، يتضمن صرف مستحقات المستشفيات على نحو عاجل، وزيادة الإمكانيات البشرية والمادية داخل أقسام الطوارئ، وتكثيف برامج التدريب للأطقم الطبية، إلى جانب تفعيل منظومة الشكاوى بشكل فعال وسريع، وإلزام المستشفيات بتعليق إرشادات واضحة للمواطنين بشأن حقوقهم.

وفيما اعتبر خبراء أن وفاة الإعلامية عبير الأباصيري تعكس أزمة أعمق في قطاع الصحة المصري، يبقى السؤال مطروحاً حول مدى قدرة القرارات الحكومية على ضمان الحق الدستوري في العلاج، وإلزام جميع المستشفيات بتطبيقه دون تمييز أو تعطيل.

انفتاح مصري على نشر قوات دولية في غزة

اقرأ المزيد