وسط مخاطر المجاعة في السودان فإن تقارير غربية تتحدث عن مجموعات أوكرانية منخرطة في الصراع إلى جانب قوات الجيش السوداني.
ووفق صحيفة “وول ستريت جورنال” فإن أوكرانيا قدمت دعما عسكريا للجيش السوداني في قتاله ضد قوات الدعم السريع، وأرسلت قوات كوماندوز للقتال إلى جانب القوات الحكومية، حيث يهدف هذا التحالف غير المتوقع إلى تعطيل أي دور روسي في السودان ورفع تكاليف العمليات الاقتصادية الروسية في الخارج، ويكشف تقرير الصحيفة عن تفاصيل أدت إلى تصعيد القتال وزيادة معاناة المدن السودانية، إضافة لتحقيق الجيش السوداني مكاسب على الأرض على حساب قوات الدعم السريع.
اللعبة الدولية عسكريا
من غير المتوقع أن تكون المشاركة الأوكرانية دون تنسيق مسبق مع “التحالف الغربي”، فالاتصالات التي أدت إلى دخول الأوكرانيين إلى ساحة المعركة تبقى مكشوفة على الأقل بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية المتعاونة مع كييف بشكل وثيق، فوفق تقرير الصحيفة تعود جذور هذا التحالف إلى اتصال من قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وذلك بعد أن دعم السودان سرا أوكرانيا بالأسلحة عام 2022، وتسارعت الاتصالات بعدها وصولا لهبوط قوات خاصة أوكرانية في السودان لبدء عمليات ضد قوات الدعم السريع.
وتؤشر تفاصيل هذه الرواية إلى أبعاد ما يعمل عليه الغرب عبر توظيفه للحرب الأوكرانية في العالم، حيث تساعد القوات الأوكرانية في تسليم طائرات تركية بدون طيار من طراز بايراكتار عالية الدقة لاستخدامها في السودان، إضافة لتدريب الجنود السودانيين، فنجاحات الجيش السوداني في استعادة السيطرة على أجزاء من أم درمان تعود للضربات الدقيقة بطائرات بدون طيار، إضافة لذلك فإن كييف أرسلت شحنة دقيق القمح إلى بورتسودان لتعميق العلاقات بين البلدين.
ويفتح تقرير الصحيفة الباب واسعا إلى الأبعاد الدولية لنوعية الصراع القائم وما سببه من أزمة إنسانية عميقة، فكييف التي تعاني من أزمة كبيرة في حربها ضد روسيا، وتوجه رسائل من أجل تعويض النقص لديها في الذخائر، تقوم بأدوار أوسع من قدرتها عبر دعم طرف سوداني، وهذا الأمر يتجاوز بشكل واضح دورها السياسي المحدود، لتصبح وكيلا عسكريا للمصالح الغربية في السودان.
أبعاد إنسانية لتوسيع الصراع
تقرير الصحيفة أشار فقط للجانب العسكري للتدخل الأوكراني، لكن الخلفية التي تقف عليها تلك المعارك لها عمق إنساني آخر، فتصاعد القتال والاستعاضة عن الجهد الدبلوماسي بدعم طرف على حساب آخر يهدد السودانيين اليوم بخطر المجاعة وهوما ظهر عبر تحذيرات برنامج الأغذية العالمي بأن 95% من السودانيين يعانون من الجوع، ووفق مديرة برنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين فإن “المعارك التي أوقعت آلاف القتلى وأدت إلى نزوح ثمانية ملايين شخص، تهدد حياة الملايين كما تهدد السلام والاستقرار في المنطقة بكاملها”، معتبرة أنه “قبل عشرين عاما، شهد دارفور أكبر أزمة جوع في العالم ووحد العالم(آنذاك) جهوده لمواجهتها ولكن السودانيين منسيون اليوم”.
وحسب منظمة “أطباء بلا حدود” فإن “طفلا يموت كل ساعتين في مخيم زمزم للاجئين في دارفور”، ويعاني 18 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي الحاد، في حين يعاني العاملون في مجال الإغاثة الإنسانية الذين يساعدونهم، من صعوبات في التنقل ونقص كبير في التمويل، في وقت قالت الخارجية السودانية، في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية، إنها أخطرت الأمم المتحدة بموافقة الحكومة على استخدام معبر الطينة من تشاد إلى الفاشر (عاصمة ولاية شمال دارفور) لدخول المساعدات الإنسانية المحددة، بعد الاتفاق على الجوانب الفنية بين الحكومتين السودانية والتشادية ووفقا لقرار مجلس الأمن رقم 1591.
ويوضح تطور الصراع في السودان إلى حالة من الجمود السياسي يرافقها تنازع حاد على السلطة، وهو الذي حول البلاد إلى ساحة معركة، وخلف حربا في العاصمة الخرطوم التي يتردد في شوارعها أصوات ضربات الطائرات بدون طيار، وبالإضافة إلى الخسائر المباشرة التي أسفرت عن مقتل أكثر من 13,000 شخص، فالحرب شردت الملايين، وأجبرتهم على الفرار من منازلهم بحثاً عن الأمان، وغالباً ما يعبرون الحدود إلى البلدان المجاورة التي تتصارع بالفعل مع أزماتها.
في الصورة الأوسع هناك أزمة إنسانية تقف على مساحة من أشكال دعم الصراع، ومن جهود دبلوماسية تخفي أشكال الدعم الخفي عبر أطراف مثل أوكرانيا، بحيث تبقى الدبلوماسية رهنا لعمليات الدعم العسكري بالدرجة الأولى، فأزمة الجوع في السودان هي حالة طوارئ تتطلب استجابة متعددة الأوجه وليس إلى مساعدات عسكرية، فالحل السياسي في النهاية هو الذي سينهي مخاطر المجاعة ويوقف تدفقات الأسلحة التي تزيد من حدة الصراع.
بقلم نضال الخضري
منظمات دولية: فتيات في الفاشر يتزوجن مقاتلين للحصول على الطعام