05 ديسمبر 2025

الوساطة المصرية في الملف النووي الإيراني تعزز مسار العلاقات بين القاهرة وطهران، التي تُقدَّر بأنها في مرحلة “استكشاف آفاق التعاون” وقد تمهد لاحقاً للتطبيع الكامل.

وبحسب مراقبين تحدّثوا لمصدر صحفي، فإن الأشهر الأخيرة شهدت زيارات ولقاءات دبلوماسية رفيعة المستوى أسهمت في خلق أجواء من التقارب بين البلدين، وقد تُوّجت هذه الجهود الثلاثاء بتوقيع اتفاق في القاهرة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لاستئناف التعاون، برعاية مصرية، وقّعه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمدير العام للوكالة رافائيل غروسي، في خطوة وصفتها الرئاسة المصرية بأنها ثمرة لمسار تفاوضي بدأ في أغسطس الماضي بوساطة القاهرة.

وخلال زيارته، التقى عراقجي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أكد تطلعه إلى تعزيز التعاون الثنائي “في مختلف المجالات” مع أهمية الاستمرار في استكشاف آفاق جديدة للشراكة بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز الاستقرار الإقليمي.

العلاقات المصرية – الإيرانية شهدت قطيعة دبلوماسية عام 1979 قبل أن تُستأنف على مستوى القائم بالأعمال بعد 11 عاماً، وخلال العامين الماضيين تكثفت اللقاءات الثنائية بين وزراء من البلدين لبحث تطوير التعاون، خاصة بعد توجيه رئاسي إيراني في مايو 2023 لوزارة الخارجية بالعمل على تعزيز العلاقات مع القاهرة.

وقد حرص عراقجي على إبداء الامتنان للدور المصري، موجهاً رسالة عبر منصة “إكس” أعرب فيها عن “شكر وتقدير الجمهورية الإسلامية الإيرانية لحكومة مصر على جهودها البنّاءة في تسهيل مسار الدبلوماسية”، واعتبر أن استئناف التعاون مع الوكالة الذرية كان ممكناً بفضل دعم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي والرئيس السيسي.

ويرى خبراء أن هذا الدور المصري قد يفتح المجال لتعاون أوسع بين الجانبين، رغم أن القاهرة تركّز في الوقت الحالي على تهدئة التوترات الإقليمية، وقال اللواء يحيى كدواني، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، إن مصر تحافظ على علاقات متزنة مع جميع دول المنطقة، وتسعى إلى “تصفير المشكلات” مع القوى المؤثرة، وهو ما ظهر في نجاح وساطتها بين إيران والوكالة الدولية.

كما لفت اللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا، إلى أن البلدين شريكان في تجمع “بريكس” ومنظمة التعاون الإسلامي، وأنهما يتقاطعان في مواجهة التحديات الأمنية، خصوصاً مع تصاعد التوتر في البحر الأحمر بين الحوثيين وإسرائيل، واعتبر أن استقرار إيران قد يقابله دور إيراني في ضبط سلوك الحوثيين وخفض التهديدات للملاحة، بما يحقق منفعة متبادلة ويُسرّع خطوات التطبيع.

وتراجعت بالفعل إيرادات قناة السويس بنحو 60% جراء استهداف الحوثيين للسفن في باب المندب والبحر الأحمر، وهو ما يمنح القاهرة دافعاً إضافياً للتنسيق مع طهران.

أما الباحث محمد عباس ناجي، من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فرأى أن الوساطة المصرية تمنح زخماً للعلاقات الثنائية، لكنه شدّد على أن «تبادل السفراء والتطبيع الكامل لم يحن أوانه بعد»، معتبراً أن الأولوية الآن هي تخفيف التصعيد الإقليمي.

وكانت إيران قد سمّت في يوليو الماضي مجتبى فردوسي بور رئيساً جديداً لمكتب رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة، وهو ما عُدّ خطوة إيجابية لكونه من أبرز الداعمين لمسار التطبيع. وغير أن التقدم في العلاقات، وفق محللين، سيبقى مرهوناً بالتفاهم حول الملفين اليمني والفلسطيني باعتبارهما الأكثر حساسية في معادلة التقارب المصري – الإيراني.

جدل في مصر حول حفل لفنانة كندية مؤيدة لإسرائيل ومطالبات بإلغائه

اقرأ المزيد