وزير الشؤون الدينية في مالي، محمد عمر كوني، يرد على ما وصفه بـ”حملة تضليل” من بعض الإعلام الغربي والعربي التي روجت لمزاعم حول حصار باماكو وتهديد مالي بسقوطها بيد الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة.
وأكد الوزير، الذي يتواجد في جدة للمشاركة في مؤتمر ومعرض الحج الدولي، في مقابلة مع قناة العربية مساء الأربعاء، أن ما يُتداول “لا يمتّ إلى الواقع بصلة”، مشيراً إلى أن الهدف من هذه الرواية هو تشويه المشروع التحرري الجديد لمالي وحلفائها في تحالف دول الساحل، وعرض شراكتها الأمنية مع روسيا على أنها فاشلة.
وأضاف كوني أن بعض وسائل الإعلام العربية اعتمدت على روايات قنوات وصحف غربية “لم تعد تُخفي عداوتها لمالي”، قائلاً: “لا أقبل أن تنقل قناة محترمة مثل العربية أوصافاً صاغتها وكالات غربية بدافع سياسي واضح، كلمة حصار اختراع إعلامي يريد تشويه صورة بلادنا”.
وأوضح أن مصطلحات مثل “سقوط وشيك” أو “انهيار الدولة” وظفتها المؤسسات الغربية لإقناع الرأي العام الدولي بأن خروج القوات الفرنسية واستبدالها بشراكة مع روسيا أدى إلى تدهور الوضع الأمني.
ونفى الوزير بشكل قاطع المزاعم المتعلقة بحصار العاصمة، مؤكداً: “لو كانت الجماعات الإرهابية قادرة على تطويق باماكو لفعلت ذلك منذ سنوات، الحقيقة أن الجيش يسيطر على كل التراب الوطني أكثر من أي وقت مضى”.
وأوضح أن الهجمات الإرهابية الأخيرة تسببت في أزمة وقود مؤقتة، لكنها “لم تشكل بأي حال تهديداً لوجود الدولة أو العاصمة”، مشيراً إلى وصول القوافل النفطية تباعاً خلال الأيام الماضية تحت حماية مكثفة من الجيش.
كما أكد كوني أن البعثات الدبلوماسية في باماكو “بخير ولم يغادر أي وفد”، خلافاً لما روّجته بعض التقارير الغربية، واعتبر أزمة الوقود الأخيرة بأنها “أزمة فبركتها الجماعات الإرهابية ومن يدعمها من الخارج، والناس يسافرون ليل نهار إلى كل الأقاليم”.
تأتي هذه الموجة من الأخبار السلبية في وقت حساس، إذ تسعى مالي وحلفاؤها في تحالف دول الساحل إلى ترسيخ مشروع سيادي جديد بعد عقد من التدخل العسكري الفرنسي والأوروبي الذي فشل في الحد من الإرهاب، بل سمح له بالتمدد نحو النيجر وبوركينا فاسو.
وتشير المعطيات الميدانية إلى أن الجيش المالي بات أكثر انتشاراً وتسليحاً بعد التعاون العسكري الجديد مع روسيا وتركيا والصين، واستعاد المبادرة الميدانية وأطلق عمليات هجومية لتأمين طرق الإمداد المستهدفة خلال أزمة الوقود.
ووفق البيانات الحكومية، استعادت مالي خلال عام واحد فقط مساحات شاسعة من شمال البلاد كانت على مدى عقد كامل ملاذاً للجماعات الإرهابية والانفصالية تحت أعين القوات الأجنبية.
وبهذا، تتناقض الوقائع الميدانية مع ما تحاول بعض المؤسسات الإعلامية الغربية ترويجه عن “فشل الشراكة مع روسيا” أو “انهيار مالي بعد خروج فرنسا”، وهي رواية سياسية تهدف إلى إضعاف التجربة الجديدة لدول الساحل في التحرر من النفوذ التقليدي.
وحول احتمالات التفاوض مع الجماعات المسلحة، شدد الوزير على أن الحكومة لن تتفاوض مع من يقتل المدنيين ويهاجم الدولة، مؤكداً أن التفاوض “مشروط بتسليم السلاح والعودة للوطن كأبناء أوفياء، غير ذلك مستحيل”.
واختتم الوزير حديثه موجهاً رسالة حاسمة: “الشعب المالي واعٍ بما يجري، هناك حملة تُدار من الخارج لإضعاف دولتنا ومنع نجاح مشروع تحالف دول الساحل، لن ينجحوا، ومالي تسير بثبات نحو الاستقلال الحقيقي”.
وشكر كوني السائقين الماليين والقوات المسلحة وكل الشركاء الذين واصلوا نقل الإمدادات رغم المخاطر، مؤكداً أن “الأزمة مؤقتة والدولة تملك زمام المبادرة”.
وتعد تصريحات الوزير كوني واحدة من أوضح الردود الرسمية على الحرب الإعلامية الدائرة حول مالي، حيث تشير الوقائع الميدانية إلى عكس ما تروج له القنوات الغربية: دولة تستعيد أراضيها، وجيش يوسع سيطرته، وتحالف ساحلي يشق طريقه نحو استقلال سيادي غير مسبوق منذ عقود.
مالي.. غويتا يتسلم ميثاق السلام ويؤكد السعي لتضميد الجراح
