وزير العدل الموريتاني يصف الهجرة غير النظامية بأنها نشاط إجرامي عبر الحدود تستغله شبكات تهريب البشر، ويدعو لتكثيف الجهود لمكافحة التهريب ضمن اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لمحاربة الهجرة.
وصف وزير العدل الموريتاني، محمد محمود ولد بيه، الهجرة غير النظامية بأنها أصبحت جزءاً من أنشطة إجرامية عابرة للحدود، وليست مجرد قضية اجتماعية أو إنسانية.
جاء ذلك خلال خطاب ألقاه مساء الاثنين أمام ممثلي الادعاء العام في محاكم العاصمة نواكشوط، حيث أكد أن الإحصائيات تشير إلى وجود أكثر من نصف مليون مهاجر غير قانوني في المنطقة.
وأوضح الوزير أن الهجرة غير الشرعية “أصبحت جزءاً من الأنشطة الإجرامية العابرة للحدود، تستغلها شبكات تهريب البشر”، مشيراً إلى أن موريتانيا تعتمد في مقاربتها لهذه القضية على ثلاثة مبادئ أساسية.
المبدأ الأول يتمثل في “الترحيب بالهجرة النظامية”، حيث أكد أن موريتانيا تظل بلداً مضيافاً يحمي حقوق المهاجرين النظاميين ويوفر لهم بيئة آمنة وفقاً للقوانين الوطنية والمعايير الدولية.
أما المبدأ الثاني، بحسب ولد بيه، فهو “مكافحة الهجرة غير الشرعية”، سواء في شكل عبور غير قانوني للحدود أو إقامة غير شرعية، مع توفير آليات تتيح لكل مقيم إمكانية تصحيح وضعه القانوني.
وأضاف أن المبدأ الثالث يتمثل في “التشدد في مواجهة شبكات التهريب والاتجار بالبشر”، التي وصفها بأنها تمثل تهديداً أمنياً وسيادياً خطيراً.
دعا وزير العدل النيابة العامة إلى تكثيف الجهود لمكافحة شبكات تهريب المهاجرين، من خلال التطبيق الصارم للقوانين ذات الصلة، وتعزيز التعاون مع الأجهزة المختصة، واعتماد تقنيات التحقيق الحديثة لتعقب المتورطين وتفكيك هذه الشبكات.
كما شدد على ضرورة التصدي لمخالفي نظم الإقامة من خلال فرض احترام القوانين.
ويأتي ذلك في إطار اتفاقية تعاون وقعتها موريتانيا مع الاتحاد الأوروبي لمحاربة الهجرة غير الشرعية، والتي تتضمن تشديد القيود على الهجرة غير النظامية والتصدي لتدفق المهاجرين عبر أراضيها إلى أوروبا.
وتأتي هذه الاتفاقية في ظل الجهود الدولية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، التي أصبحت تشكل تحدياً كبيراً للعديد من الدول.
وقبل أيام، دعت منظمات حقوقية موريتانية السلطات إلى معاملة المهاجرين بطريقة إنسانية واحترام القانون الإنساني الدولي أثناء احتجازهم.
وجاءت هذه الدعوات في خضم حملات اعتقالات وترحيل واسعة النطاق شنتها السلطات الأمنية الموريتانية ضد المهاجرين غير النظاميين في وضعية غير قانونية بمناطق متفرقة من العاصمة نواكشوط.
وزعمت هذه المنظمات أن بعض المهاجرين تعرضوا لمعاملة “غير إنسانية”، حيث حُرموا من حقوقهم الأساسية مثل الغذاء والحماية القانونية قبل ترحيلهم عبر معبري روصو باتجاه السنغال وكوكي باتجاه مالي.
وأثارت هذه الحملات ردود فعل متباينة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انتقد البعض الإجراءات الأمنية، بينما دعمها آخرون باعتبارها ضرورية للحفاظ على الأمن الوطني.
تُعد موريتانيا واحدة من الدول التي تشهد تدفقاً كبيراً للمهاجرين غير النظاميين، خاصة من دول إفريقيا جنوب الصحراء، الذين يسعون إلى الوصول إلى أوروبا عبر الطرق البحرية أو البرية.
وتواجه السلطات الموريتانية تحديات كبيرة في إدارة هذه الأزمة، حيث تسعى إلى تحقيق التوازن بين حماية حقوق المهاجرين وضمان الأمن الوطني.
مع استمرار تدفق المهاجرين غير النظاميين، يُتوقع أن تزداد الضغوط على موريتانيا لتعزيز إجراءاتها الأمنية والقانونية لمكافحة هذه الظاهرة.
كما يُعتبر التعاون الدولي، خاصة مع الاتحاد الأوروبي، عنصراً أساسياً في مواجهة هذه التحديات، حيث تسعى موريتانيا إلى تعزيز شراكاتها الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة.