05 ديسمبر 2025

أصدرت هيئة المحلفين في نيويورك، مساء أمس الجمعة، حكما يحمل مجموعة “بي إن بي باريبا” المصرفية الفرنسية جزءا من المسؤولية عن الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت في السودان خلال فترة حكم الرئيس عمر البشير،

وجاء الحكم بعد محاكمة استمرت أكثر من خمسة أسابيع أمام محكمة فدرالية في مانهاتن، استمعت خلالها الهيئة المؤلفة من ثمانية أعضاء إلى شهادات ثلاثة سودانيين رجلين وامرأة، قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب الوحشي، والحرق بأعقاب السجائر، والطعن بالسكين، إضافة إلى الاعتداء الجنسي على إحدى الضحايا، وأوضحوا أنهم أصبحوا اليوم مواطنين أميركيين بعد فرارهم من السودان.

وقالت إحدى الضحايا، انتصار عثمان كاشر (41 عاما)، أمام المحكمة: “لم يعد لدي أقارب، لقد فقدت كل شيء”.

وفي المقابل، رفض مصرف بي إن بي باريبا الحكم، واعتبره “خاطئا بشكل واضح”، مؤكدا في بيان نقلته وكالة فرانس برس أنه سيستأنف القرار، مشيرا إلى أن المحكمة تجاهلت أدلة مهمة ولم تسمح للمصرف بتقديمها.

أما محامي المدعين، بوبي ديتشيلو، فاعتبر الحكم “انتصارا للعدالة والمحاسبة”، مضيفا: “لقد أكدت هيئة المحلفين أن المؤسسات المالية لا يمكنها غضّ الطرف عن النتائج الكارثية لأفعالها، موكلونا فقدوا كل شيء بسبب نظام غذّته أموال المصرف الفرنسي”، مؤكدا أن البنك لعب دورا رئيسيا في تمويل آلة القمع في السودان.

وأشار ديتشيلو في مرافعته الختامية إلى أن المحاكمة “كشفت السرّ الذي حاول المصرف إخفاءه”، قائلاً إن “بي إن بي باريبا أنقذ نظامًا دكتاتوريًا ودعم التطهير العرقي الذي دمّر حياة آلاف السودانيين”.

وكان المصرف الفرنسي  أجرى معاملات تجارية مع السودان بين أواخر التسعينيات و2009، شملت إصدار خطابات اعتماد مكّنت حكومة البشير من الاستمرار في عمليات التصدير والاستيراد، خصوصًا للقطن والزيوت، ما وفّر للنظام مليارات الدولارات التي استُخدمت وفق الادعاء  في تمويل عملياته العسكرية ضد المدنيين.

ورغم هذه الاتهامات، أصرّ فريق الدفاع عن البنك على أن أنشطته كانت قانونية بموجب التشريعات الأوروبية، وأن مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي تعاملت مع حكومة الخرطوم خلال تلك الفترة، مؤكدين أن المصرف “لم يكن على علم بانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها النظام السوداني”.

وقال محامي الدفاع باري بيركي إن “السودان كان سيرتكب الجرائم نفسها حتى من دون أموال المصرف الفرنسي”، في محاولة لنفي العلاقة السببية بين نشاط البنك والفظاعات التي شهدها الإقليم.

ويذكر أن الحرب في السودان بين عامي 2002 و2008 أودت بحياة نحو 300 ألف شخص وتسببت في نزوح أكثر من 2.5 مليون، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

وأطيح بالبشير في أبريل 2019 بعد انتفاضة شعبية، ولا يزال موقوفا ومطلوبا أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

 

السودان.. انتهاكات مروعة ضد الصحفيين

اقرأ المزيد