العثور على أربعة حيتان نافقة من نوع العنبر على شاطئ مدينة أجدابيا شرق ليبيا، أثار حالة قلق بيئي واسع وتساؤلات حول أسباب جنوحها ونفوقها بشكل جماعي، وهي ظاهرة نادرة الحدوث في البحر المتوسط.
وأوضحت وزارة الثروة البحرية بشرق ليبيا أنها تلقت بلاغاً بوجود الحيتان النافقة في منطقة أمرير قابس، وشكّلت فريقاً ميدانياً بالتعاون مع الأجهزة الأمنية وخبراء الأحياء البحرية لفحص العينات ومعرفة أسباب الجنوح المفاجئ.
وحذّرت السلطات من أن الجثث قد تتحول إلى مصدر خطر بيئي وصحي إذا بقيت على الشاطئ، بسبب احتمالية تلوث المياه وانبعاث غازات ضارة أو نقل مسببات أمراض، لذلك باشرت فرق الطوارئ بدفنها.
ومن جانبه، قال مدير مركز بحوث الأحياء البحرية في بنغازي عصام الفقي إن حوت العنبر موجود أصلاً في مياه المتوسط قرب ليبيا، لكنه يعيش عادة في الأعماق، مشيراً إلى أن نفوق أربعة حيتان دفعة واحدة يعد حدثاً استثنائياً، إذ اقتصرت الحالات السابقة على حوت واحد فقط.
ويرى خبراء أن تغير المناخ والاضطرابات البيئية تلعب دوراً محورياً في نفوق الحيتان، إذ تؤدي التغيرات في درجات حرارة المحيطات والتيارات البحرية إلى تقليص موارد الغذاء وتغيير أنماط الهجرة، ما يدفعها إلى دخول مياه ضحلة أو مناطق قريبة من السواحل لا تستطيع الخروج منها، كما تسهم ظاهرة تحمض المحيطات الناتجة عن زيادة ثاني أكسيد الكربون في إرباك موائلها الطبيعية.
وتضاف إلى العوامل الطبيعية أسباب أخرى مرتبطة بالنشاط البشري، مثل اصطدام الحيتان بالسفن، وتشابكها في معدات الصيد، وابتلاع النفايات البلاستيكية، فضلاً عن التلوث الكيميائي والضوضاء العالية الناتجة عن أعمال التنقيب والأنشطة البحرية، التي تؤثر على نظم الملاحة الصوتية لديها وتفقدها القدرة على تحديد الاتجاهات.
ويُقدَّر عدد أنواع الحيتان بنحو 90 نوعاً، بينما يبلغ إجمالي أعدادها اليوم حوالي 1.3 مليون حوت فقط، أي ما يعادل ربع ما كان موجوداً سابقاً حين تراوحت الأعداد بين 4 و 5 ملايين، ولم يتبق فعلياً سوى 3% من الحيتان الزرقاء، أكبر الكائنات على وجه الأرض.
والحيتان، التي توصف بأنها الأكثر ذكاءً في المحيطات، تؤدي أيضاً دوراً بيئياً محورياً في مواجهة التغير المناخي، إذ أظهرت دراسة لصندوق النقد الدولي أن الحيتان الكبيرة تحتجز في أجسامها نحو 33 طناً من ثاني أكسيد الكربون في المتوسط، وهو ما يعادل عشرة أضعاف ما تمتصه الأشجار خلال نفس الفترة، وعندما تموت تغرق إلى قاع المحيط، آخذة معها الكربون المخزَّن.
ويقترح خبراء الدراسة إنشاء حوافز مالية لتشجيع الحفاظ على أعداد الحيتان واستعادتها، من بينها تعويض شركات الشحن عن تغيير مساراتها لتقليل أخطار الاصطدام، إلى جانب الحد من الانبعاثات والتلوث والأنشطة البشرية المسببة للضوضاء تحت الماء.
ليبيا.. المشير حفتر يلتقي رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية
