السلطات الموريتانية تعلن اعتراض أكثر من 30 ألف مهاجر غير نظامي وتفكيك 88 شبكة تهريب خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025، مع تصاعد الضغوط على البلاد كبوابة عبور رئيسة إلى أوروبا.
وأوضحت الشرطة الموريتانية، في بيان نشر على صفحتها الرسمية، أنها قامت يوم 24 سبتمبر بتفكيك شبكة جديدة يقودها ثلاثة أشخاص، بينهم اثنان موريتانيان، وأوقفت 15 مهاجراً من جنسيات إفريقية مختلفة كانوا ينتظرون الإبحار نحو أوروبا من العاصمة نواكشوط.
واعترف الموقوفون بتحصيل نحو 18 مليون أوقية (ما يعادل 385 ألف يورو) من نشاطهم، كما تمت مصادرة سترات نجاة ومواد غذائية مخزنة لإعداد الرحلات.
وتشير الإحصاءات الأوروبية المدعومة بالبيانات الموريتانية إلى أن المهاجرين غير النظاميين كانوا يسعون للوصول إلى جزر الكناري الإسبانية عبر “قوارب الموت”، ما دفع موريتانيا إلى تعزيز إجراءات المراقبة والتفتيش منذ بداية العام.
وتنسجم هذه العمليات مع اتفاقية الشراكة بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي الموقعة في مارس 2024، والتي خصص لها الاتحاد تمويلاً بقيمة 210 ملايين يورو لتعزيز مراقبة الحدود وبناء مراكز احتجاز وتفكيك شبكات التهريب.
أثارت هذه السياسات انتقادات واسعة من منظمات حقوقية دولية، مثل هيومن رايتس ووتش، التي اتهمت موريتانيا بـ”انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان” تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء، مشيرة إلى اعتقالات تعسفية واحتجاز طويل وترحيل جماعي.
كما دعا المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق المهاجرين خلال زيارته لنواكشوط إلى احترام المعايير الدولية، خصوصاً حماية النساء والأطفال.
وردت وزارة الداخلية الموريتانية ببيان شديد اللهجة، مؤكدة أن الاتهامات غير دقيقة، وأن البلاد تطبق إطاراً قانونياً متوافقاً مع القوانين الدولية. وأوضحت أن لديها خمسة مراكز استقبال مؤقتة للمهاجرين، بينها مركز خاص بالنساء، مع تجهيز مراكز جديدة ستدخل الخدمة نهاية سبتمبر 2025، مجهزة بالمرافق الصحية والكهرباء والمياه الصالحة للشرب وأنظمة رقمية لتدقيق الهويات.
وأضافت الوزارة أن السلطات أنقذت آلاف المهاجرين من الغرق في البحر، ودفنت نحو 900 جثة لفظها المحيط.
وترى موريتانيا أن الهجرة غير النظامية تمثل تحدياً عالمياً يتطلب تعاوناً دولياً، داعية المنظمات الحقوقية إلى الاعتراف بجهودها، خاصة أنها تستضيف منذ 1991 مخيم “امبره” الذي يضم أكثر من 153 ألف لاجئ مالي.
وبينما يضغط الاتحاد الأوروبي لتشديد الرقابة على السواحل الموريتانية، يستمر الجدل حول كلفة هذه الشراكة على صورة البلاد الحقوقية، بين من يعتبرها تعاوناً أمنياً مشروعاً، ومن يراها تسليماً للسيادة الوطنية مقابل التمويل الخارجي.
ويظل ملف الهجرة في موريتانيا عقدة معقدة تتقاطع فيها الاعتبارات الأمنية والإنسانية، وتشكل تحدياً لعلاقة البلاد بجوارها الأوروبي والإفريقي في السنوات القادمة.
الاتحاد الأوروبي يسعى إلى مد جسور التواصل مع النيجر
