17 ديسمبر 2025

تشهد الأسواق الليبية خلال الفترة الأخيرة ارتفاعاً متسارعاً في أسعار السلع الغذائية والدوائية، وصلت في بعض الأصناف إلى نحو 25%، بالتزامن مع تراجع قيمة الدينار أمام الدولار في السوق الموازية، الأمر الذي ألقى بظلاله الثقيلة على القدرة الشرائية للمواطنين وعمّق من حدة الأزمة المعيشية.

ويعكس واقع الأسواق معاناة يومية تعيشها الأسر، حيث تقول سعاد راشد، وهي أرملة تعول أسرتها، إن أسعار السلع الأساسية شهدت قفزات مفاجئة خلال أيام قليلة، مشيرة إلى أن سعر لتر الحليب ارتفع من ستة دنانير إلى سبعة دنانير ونصف، فيما زاد سعر علبة التونة من 6.5 إلى 8.5 دينار.

وأضافت أن الخبز لم يسلم بدوره من تداعيات الغلاء، إذ بات أقل وزناً وجودة، ما يضاعف الأعباء على محدودي الدخل.

ولم يقتصر الارتفاع على المواد الغذائية، إذ أكدت حسناء الرجباني، صاحبة صيدلية في طرابلس، أن أسعار الأدوية شهدت زيادات ملحوظة خلال الأيام الأخيرة، شملت مختلف الأصناف، الأمر الذي زاد من معاناة المرضى، خصوصاً المصابين بالأمراض المزمنة الذين يعتمدون على العلاج بشكل يومي ولا يملكون بدائل.

ويشير موظفون ومستهلكون إلى أن وتيرة الغلاء باتت شبه يومية، حيث يقول الموظف الحكومي علي الزطريني إن التخطيط للمصروف اليومي أصبح مهمة معقدة، في ظل ارتفاع أسعار الأرز وسلع أساسية أخرى، محذراً من أن الوضع يخرج تدريجياً عن السيطرة مع استمرار الضغط على دخل المواطنين.

وفي ظل هذه التطورات، باتت ميزانيات الأسر الليبية تعاني من اختلال واضح، إذ أصبحت قرارات الشراء تتطلب حسابات دقيقة، وسط مخاوف متزايدة من تراجع إضافي في قيمة الدينار، وما يحمله ذلك من تداعيات على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

وسجلت أسعار السلع الغذائية خلال نوفمبر الماضي ارتفاعات لافتة، وفق بيانات رسمية وتحليلات اقتصادية، بالتزامن مع اتساع الفجوة بين سعر صرف الدولار في السوقين الرسمية والموازية.

وأكدت شبكة «ليبيا للتجارة»، التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» الموقتة، تسجيل زيادات تراوحت بين 5 و25% في أسعار عدد من السلع الأساسية.

وبحسب بيانات الشبكة، ارتفع سعر طحين المخابز من 240 إلى 270 ديناراً، كما شهدت أسعار زيوت الطهي، بما فيها زيت الذرة وعباد الشمس، زيادة بنحو 7%، في حين ارتفعت أسعار السكر المعبأ بنسب تراوحت بين 5 و12%، وسجل معجون الطماطم المحلي والمستورد زيادة تقارب 6%.

ويربط محللون اقتصاديون هذه التطورات بتراجع قيمة الدينار وارتفاع تكاليف الاستيراد.

ويقول المحلل الاقتصادي علي الورفلي إن الفارق بين السعر الرسمي والموازي للدولار يصل إلى نحو 30%، محذراً من أن الأسعار مرشحة للارتفاع بنسب مماثلة إذا استمر هذا الفارق. وأضاف أن المواطن يواجه ضغطاً مزدوجاً يتمثل في نقص السيولة من جهة، وتراجع القوة الشرائية من جهة أخرى.

من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي عادل المقرحي أن مؤشرات الغلاء بدأت بالظهور منذ سبتمبر الماضي، موضحاً أن سعر الدولار في السوق الموازية بلغ نحو 8.4 دينار مقابل 6.4 دينار بالسعر الرسمي، وهو فارق ينعكس مباشرة على أسعار السلع والخدمات.

ورجّح أن تتراوح نسبة الزيادة مقارنة بالعام الماضي بين 25 و29%، محذراً من استمرار موجة الارتفاع خلال الأشهر المقبلة في حال عدم اتخاذ إجراءات اقتصادية تحد من تدهور العملة.

وتتزامن هذه الأوضاع مع استمرار أزمة السيولة النقدية، التي يشكو منها معظم الليبيين، رغم التأكيدات الرسمية المتكررة من المصرف المركزي بتوافر السيولة، ما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي ويعمّق معاناة المواطنين في حياتهم اليومية.

ليبيا.. مقابر جماعية في ترهونة تكشف عن فظائع ارتكبتها الميليشيات

اقرأ المزيد