مقترح بإعادة إحياء الألقاب المدنية في مصر، مثل “الباشا”، أثار جدلاً واسعاً وانتقادات حادة، حيث عدّ البعض المقترح “عودة للطبقية والعصور القديمة التي كانت تفرق بين الأغنياء والفقراء”.
وجاء المقترح من الكاتب والمفكر السياسي المصري المعروف، أسامة الغزالي حرب، في مقاله الثابت بصحيفة “الأهرام” المملوكة للدولة، حيث دعا لمنح ألقاب تشريفية مقابل مساهمات مالية كبيرة أو أعمال يقدمها الأثرياء لصالح الدولة.
ورأى حرب أن إلغاء الألقاب منذ أكثر من 70 عاماً “حرم المجتمع من وسيلة فعالة لتكريم الشخصيات العامة ذات الإنجازات الرفيعة”، مستشهداً بالنموذج البريطاني الذي لا يزال يمنح ألقاباً مثل “سير” و”فارس”، مشيراً إلى الجراح المصري الشهير مجدي يعقوب، الحاصل على لقب “سير” من الملكة إليزابيث عام 1991.
وتضمّن المقترح تشكيل هيئة متخصصة لتلقي الترشيحات وفق معايير صارمة، تُعرض لاحقاً على البرلمان للموافقة، على أن تُمنح الألقاب لمن يحقق مساهمات استثنائية في مجالات كالثقافة والصحة والتنمية، مؤكداً أن المبادرة تهدف إلى تحفيز أصحاب الثروات على لعب دور فاعل في الحياة العامة.
كما اقترح حرب منح ألقاب مثل “باشا” لعدد من رجال الأعمال البارزين، بينهم نجيب ساويرس، هشام طلعت مصطفى، محمد أبو العينين، وأحمد أبو هشيمة، مقابل مساهماتهم في خدمة المجتمع.
وقوبل المقترح برفض واسع، واعتُبر محاولة لإعادة إنتاج الامتيازات الطبقية، ورأى الكاتب الصحافي عماد فؤاد، مساعد رئيس حزب التجمع، أن المقترح “في منتهى الخطورة”، ويتعارض مع المادة 26 من الدستور المصري التي تحظر إنشاء ألقاب مدنية أو نياشين.
وقال فؤاد إن “عودة لقب الباشا ليست مجرد وسام شرف، بل إحياء لرمزية الاستعمار والامتيازات الطبقية التي حاربتها مصر لعقود”، مضيفاً: “تكريم الشخصيات الوطنية يجب أن يتم بدعم إنجازاتهم، لا ببيع ألقاب تذكّرنا بعصور الإقطاع”.
وفي تغريدة عبر “فيسبوك”، وصف الكاتب وائل لطفي المقترح بـ”العبثي”، مضيفاً: “حرب يكتب منذ 10 سنوات، ولم يُثر أي تفاعل يُذكر، إلا بعد هذا الطرح الغريب”.
وأما الصحافي البرلماني بصحيفة “الأهرام”، سامح لاشين، فاعتبر أن الألقاب الاجتماعية “أُعيدت فعلياً دون قانون”، قائلاً: “اللي معاه ثروة بيتقال له باشا من غير لقب رسمي ولا حاجة”.
في ردّه على الانتقادات، قال أسامة الغزالي حرب إنه تفاجأ بردود الفعل، مشدداً على أن فكرته لا تهدف لإعادة الطبقية، بل لتحفيز العمل الأهلي وتشجيع الأغنياء على دعم الفنون والثقافة.
وأضاف: “نهضة المسرح والسينما قديماً قام بها باشوات مثل نجيب الريحاني، والاقتصاد المصري بناه طلعت باشا حرب”، معتبراً أن “لقب الباشا ليس عيباً، بل وسيلة رمزية لتكريم المستحقين وفقاً لضوابط دقيقة”.
يذكر أن كلمة “باشا” مشتقة من التركية العثمانية، وكانت تُمنح لشخصيات بارزة في الدولة، من كبار الضباط والسياسيين.
وبدأ استخدام اللقب في مصر منذ عهد محمد علي، حتى تم إلغاؤه رسميّاً عقب ثورة يوليو 1952 بقرار من مجلس قيادة الثورة، بهدف محو الامتيازات الطبقية وترسيخ العدالة الاجتماعية.