منذ أكثر من عام ونصف، تعيش سبع عائلات مصرية في قرية أبو شنب بمحافظة الفيوم حالة من القلق والحزن الشديد بعد احتجاز أبنائهم في السودان من قبل قوات الدعم السريع.
ولا تعرف الأسر سوى رسائل صوتية مقتضبة أو خطابات مكتوبة بخط اليد من أبنائهم بين الحين والآخر، ليطمئنوا فيها على سلامتهم.
وتبدأ القصة عندما كان محمد شعبان، أحد المحتجزين، في مكالمة فيديو مع زوجته نورا عبد الحميد، فجأة انقطع الاتصال وسقط الهاتف من يده، ومنذ ذلك الوقت، لم تسمع نورا سوى القليل عن زوجها، ولا تعرف سبب احتجازه أو مكانه، وكل ما يرد إليها من معلومات هي رسائل متناثرة يبعث بها من وقت لآخر.
وكان محمد وشركاؤه السبعة يعملون تجارة الأدوات المنزلية، عادوا إلى السودان منذ سنوات طويلة وكانوا يعملون في مجال التجارة، بعيداً عن أي صراع أو تورط في السياسة.
وعندما اندلعت الحرب في السودان، بقي الرجال في منازلهم لتجنب المعارك، حتى أنهم لم يتمكنوا من توفير الطعام واضطروا لإعداد الخبز في منازلهم، ولكن قبيل مغادرتهم، تم القبض عليهم من قبل قوات الدعم السريع، التي قالت إنها كانت ستستجوبهم لفترة قصيرة، ليختفوا بعدها عن الأنظار، ولا يعودون حتى اليوم.
وتتزايد المأساة مع كل يوم يمضي، حيث لم يتمكن أفراد الأسر من التواصل مع أبنائهم أو معرفة أي تفاصيل عن مكانهم، كما أن محاولات العائلات للحصول على معلومات من السلطات المصرية أو من الصليب الأحمر السوداني لم تثمر عن شيء، بينما تستمر الحروب والنزاعات في السودان دون أي أفق واضح لإنهائها.
وتعيش نورا عبد الحميد، التي روت قصتها، حياة مليئة بالتحديات، حيث تقوم بتربية أطفالها الأربعة بمفردها، في ظل ظروف اقتصادية صعبة، بينما يعمل أبناءها في مصانع ومشاريع صغيرة لتغطية احتياجاتهم اليومية.
وتقول نورا: “أطفالي يعملون من الخامسة صباحاً وحتى الثامنة والنصف مساء، وأنا أعمل في الخبز وأعمال منزلية لتوفير بعض المال، لكنني لا أستطيع أن أخبرهم عن مصير والدهم”.
وتضاف إلى معاناتهم مشكلة النصب والاحتيال التي تعرضت لها العائلات أثناء بحثهم عن أبنائهم، حيث تواصلوا مع بعض الأشخاص الذين وعدوهم بمساعدتهم على الإفراج عن أبنائهم مقابل دفع أموال، إلا أنهم اكتشفوا أنهم تعرضوا للغش.
وفي ذات الوقت، تعيش أسر أخرى من المحتجزين نفس القلق، حيث لم يتلقوا أي رسائل من أبنائهم أو يعرفون عنهم أي شيء، مثل الأم التي فقدت اثنين من أبنائها، وتتوسل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمساعدتها في إعادة أبنائها، بينما تتساءل زوجات المحتجزين عن مستقبلهم، في ظل حرب لا يعرف أحد متى ستنتهي.
ووسط هذا الظرف الصعب، لم تتوقف الأسر عن مناشدة الحكومة المصرية وكل الجهات المعنية للتحرك من أجل إعادة أبنائهم، لكن الأمل في العودة لا يزال ضعيفاً، حيث يخشى الجميع أن يتسبب استمرار الحرب في السودان في إطالة فترة احتجازهم إلى ما لا نهاية.
مصر.. انخفاض قياسي في أسعار حديد التسليح