توجه الحكومة المصرية لتشديد عقوبات “جرائم الأخبار الكاذبة” أثار جدلاً واسعاً في البلاد، وسط مطالبات بضرورة إتاحة حرية تداول المعلومات قبل تطبيق أي غرامات أعلى في قانون العقوبات.
وطالب رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع حكومي الأربعاء، بإعداد تعديلات جديدة على قانون العقوبات لمواجهة الشائعات، مع التركيز على “تشديد الغرامات ذات الصلة بما يحقق مستوى كافياً من الردع ويحد من انتشار هذه الجرائم”، وفق بيان لمجلس الوزراء.
وتشير بيانات رسمية إلى أن معدل انتشار الأخبار المضللة في مصر ارتفع بنسبة 16.2% في 2024 مقارنة بـ 15.7% في 2023، وزاد ثلاث مرات بين 2020 و 2024 مقارنة بالفترة من 2015 إلى 2019.
وفي المقابل، أكد نقيب الصحافيين، خالد البلشي، على أن تغليظ الغرامات ليس الطريق الأمثل لمواجهة الشائعات، مشدداً على ضرورة احترام الدستور الذي يضمن حرية تداول المعلومات ومنع العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر.
وأضاف في تدوينة على “فيسبوك” أن “زيادة الغرامات يجب ألا تتحول إلى وسيلة للحبس أو لإغلاق الصحف، ما قد يفاقم انتشار الشائعات بدلاً من وقفها”.
واتفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، مع هذا الرأي، مؤكداً أن “سبب انتشار الشائعات مرتبط بنقص المعلومات والبيانات المتاحة للمواطنين”، وأن المواجهة يجب أن تبدأ بتوفير المعلومات الصحيحة قبل تشديد العقوبات، مشيراً إلى وجود قيود على حرية المعلومات في البلاد.
وأشار مدبولي إلى أن الحكومة ترحب بحرية الرأي، موضحاً أن المشكلة تكمن في تداول معلومات غير دقيقة قد تُلحق أضراراً مباشرة بالاقتصاد القومي، مستشهداً بقضية مياه الشرب التي أُلقي القبض فيها على شابين بثا مقطعاً مصوراً ادعيا فيه تلوث بعض أنواع المياه المعدنية، قبل إطلاق سراحهما على ذمة القضية.
ومن جانبه، رأى عميد كلية الإعلام بجامعة بني سويف، ممدوح عبد الله، أن مواجهة الأخبار الكاذبة تتطلب حزمة متكاملة من الإجراءات، تشمل مدونات سلوك للمواطنين، وتغليظ الغرامات حال ثبوت نشر شائعات عن قصد، إلى جانب توفير المعلومات الرسمية والبيانات الكافية عبر وسائل الإعلام والمنصات الحكومية لتحقيق الردع المطلوب.
وخلال اجتماع مجلس الوزراء، تم الاتفاق على تعزيز منظومة التصدي للشائعات والأخبار الكاذبة، وإنشاء وحدات رصد مبكر في جميع الوزارات لمتابعة الشائعات والرد عليها وتفنيدها.
وأكدت الحكومة أن الإطار التشريعي الحالي كافٍ للردع، غير أن الغرامات في المادة رقم 380 من قانون العقوبات تحتاج إلى تعديل لتكون أكثر فعالية، مع التأكيد على عدم وضع قوانين استثنائية، والاكتفاء بتفعيل التشريعات القائمة للتعامل سريعاً مع أي شائعة تتكشف كذبها.
السيارات الصينية تسيطر على السوق المصرية متفوقة على الأوروبية
