مصر أعادت تمثالين أثريين نادرين إلى مدخل معبد الفرعون أمنحتب الثالث، بعد أكثر من ثلاثة آلاف عام على سقوطهما جراء زلزال عنيف، وذلك عقب مشروع ترميم استمر نحو عقدين من الزمن.
ويُعرف التمثالان باسم “عملاقي ممنون”، ويبلغ ارتفاع كل منهما أكثر من 12 متراً، وقد أُزيح الستار عنهما خلال احتفال رسمي أُقيم في 13 ديسمبر، بعد الانتهاء من إعادة تجميعهما وترميمهما وإعادتهما إلى موقعهما الأصلي عند مدخل المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث.
وقال شريف فتحي، وزير السياحة والآثار المصري، خلال مراسم التدشين، وفق ما نقلته صحيفة “ذا ناشيونال”، إن إعادة التمثالين تمثل “إنجازاً كبيراً في الحفاظ على أحد أهم معالم الحضارة المصرية القديمة وإحيائها”، مؤكداً أن المشروع يعكس التزام مصر بحماية تراثها الثقافي والأثري وفق أعلى المعايير الدولية.
ومن جانبه، أوضح محمد إسماعيل، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في تصريحات لوكالة أسوشييتد برس، أن أعمال الترميم تأتي ضمن خطة تهدف إلى “إحياء صورة معبد الملك أمنحتب الثالث الجنائزي كما كان عليه في الماضي البعيد”، وإعادة الاعتبار لأحد أهم معالم الدولة الحديثة.
وتُعد هذه الخطوة جزءاً من جهود أوسع للحفاظ على المواقع الأثرية في مصر، التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على قطاع السياحة، والذي استقطب أكثر من 15 مليون زائر سنوياً خلال السنوات الأخيرة.
وتولى الملك أمنحتب الثالث الحكم عام 1390 قبل الميلاد، وكان يبلغ من العمر نحو 12 عاماً، واستمر حكمه حتى قرابة عام 1353 قبل الميلاد، خلال فترة ازدهار المملكة الحديثة.
وبعد نحو 150 عاماً من وفاته، تعرض معبده الجنائزي لزلزال أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منه، قبل أن تغطي رواسب نهر النيل بقاياه تدريجياً، بحسب بيان مترجم صادر عن وزارة السياحة والآثار.
وفي تسعينيات القرن الماضي، بدأ فريق من الباحثين العمل على إعادة تجميع التمثالين، في مشروع طويل الأمد قاده عالم المصريات هوريج سوروزيان، من المعهد الأثري الألماني، وقال سوروزيان لوكالة أسوشييتد برس إن المشروع يهدف إلى “إنقاذ ما تبقى من معبد كان يوماً ما ذا مكانة مرموقة”.
وأشار سوروزيان، خلال حفل التدشين، إلى أن الباحثين ظلوا يعثرون على أجزاء متناثرة من التمثالين في الموقع على مدى سنوات، كما تم العثور على كتل من الجرانيت تعود إلى قواعد التمثالين داخل معبد الكرنك المجاور، وفي عام 2006، بدأت أعمال تنظيف وفحص وترميم هذه الأجزاء، تمهيداً لإعادة تجميعها في موضعها الأصلي.
ويُصوّر التمثالان الملك أمنحتب الثالث جالسًا ويداه على فخذيه، مرتدياً غطاء الرأس “النمس” والتنورة الملكية، مع لحية احتفالية، بحسب ما أوضحه محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية.
كما تظهر بجانب قدمي الفرعون نقوش بارزة صغيرة تجسد شخصيات أخرى، من بينها زوجته الملكة تي، فيما زُينت عروش التمثالين الحجرية بمشاهد تُجسد توحيد مصر العليا والسفلى.
وأكد وزير السياحة والآثار أن الموقع سيظل وجهة سياحية مهمة خلال السنوات المقبلة، قائلاً: “الأقصر تشهد دائماً تطورات جديدة”، في إشارة إلى استمرار الاكتشافات والمشروعات الأثرية في المدينة التاريخية.
ويأتي الكشف عن التمثالين بعد نحو شهرين فقط من افتتاح مقبرة أمنحتب الثالث، الواقعة في وادي الملوك، أمام الجمهور في الرابع من أكتوبر الماضي، حيث أُتيح للزوار دخول الممر الذي يبلغ طوله نحو 118 قدماً وينحدر إلى عمق 45 قدماً تحت الأرض، وصولاً إلى غرف دفن الملك واثنتين من زوجاته.
وكان محمد إسماعيل قد وصف المقبرة، في تصريحات سابقة، بأنها “رائعة للغاية”، مشيراً إلى أنها اكتُشفت لأول مرة عام 1799، وتضم غطاء تابوت أمنحتب الثالث، في حين نُهب التابوت نفسه في عصور سابقة، بينما تُعرض مومياء الملك حالياً في المتحف القومي للحضارة المصرية.
جيولوجي مصري: تسرب مياه سد النهضة قد يسبب زلازل في المنطقة
