تواصل مصر تنفيذ واحدة من أضخم عمليات التحديث العسكري في تاريخها الحديث، حيث تستهدف بناء قوة جوية هي الأشد ردعا في الشرق الأوسط وإفريقيا، وفق ما أوردته تقارير إعلامية وخبراء استراتيجيون.
وأوضح الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، أن امتلاك مصر قوتين بحريتين عاملتين في البحرين الأحمر والمتوسط يفرض عليها تطوير أسطول جوي قادر على حماية المجال البحري والممرات الحيوية.
وقال فرج إن البحر الأحمر يمثل خط الدفاع الأول عن قناة السويس، أهم ممر تجاري عالمي وثاني أكبر مصدر للعملة الصعبة في البلاد بعد تطويرها، مؤكدا أن “تأمينها ليس خيارًا بل ضرورة وطنية مطلقة”.
وأشار إلى أن الأسطول الجنوبي المصري المتمركز في قواعد متقدمة بالبحر الأحمر، يضطلع بمهمة حماية القناة وتأمين حركة التجارة الدولية، بينما يعنى الأسطول الشمالي في البحر المتوسط بحماية حقول الغاز والبترول في المنطقة الاقتصادية الخالصة المصرية.
وأضاف فرج أن “من حق مصر أن تمتلك قوة قادرة على تأمين كلا الاتجاهين، فالقوة الرادعة وحدها تضمن حماية الموارد الوطنية ومنع أي تهديد خارجي”.
ومن جانبه، يرى أحمد زايد، مؤسس مجموعة “73 مؤرخين”، أن القوات الجوية المصرية تشهد عملية تحول استراتيجي تهدف إلى التحرر من الاعتماد على السلاح الأميركي الذي ظل لعقود العمود الفقري للقدرات الجوية المصرية.
وأوضح زايد أن القاهرة تسعى منذ أكثر من عشر سنوات إلى تقليص الفجوة التكنولوجية مع القوات الجوية الإسرائيلية، من خلال تنويع مصادر التسليح وتحديث أسطولها بمقاتلات متعددة المنصات.
وأشار إلى أن الصفقات الأخيرة شملت: مقاتلات ميغ-29M/M2 الروسية بالمعايير المتقدمة، وصفقات رافال الفرنسية متعددة المهام، ومباحثات حول شراء مقاتلات صينية من طراز J-10 أو J-35 الشبحية، التي خضعت لتجارب تشغيلية في مصر خلال الأشهر الماضية.
وأكد زايد أن الهدف من هذه التوجهات هو إحلال الطائرات الأميركية القديمة من طراز F-16، التي دخلت الخدمة في منتصف الثمانينيات، واستبدالها بمنظومات أحدث لا تخضع للقيود السياسية الغربية.
وقال: “مصر تتحرك بثبات نحو استقلال كامل في قرارات التسليح الجوي، بعد أن تكررت حالات تعطيل توريد قطع الغيار والذخائر من واشنطن لأسباب سياسية”.
وانتقد زايد المقارنات التي يطرحها بعض المحللين الإسرائيليين، مثل إيدي كوهين، بشأن الفارق العددي بين الأسطولين المصري والإسرائيلي، مؤكدًا أن “الأرقام وحدها لا تعكس الواقع القتالي”.
وأوضح أن “الطائرات المصرية من طراز F-16 بلوك 40 تختلف جذريًا عن النسخ الإسرائيلية الأحدث المزودة بأنظمة حرب إلكترونية متقدمة وذخائر ذكية، وبالتالي فالمقارنة الرقمية مضللة”.
وأضاف: “القاهرة تركز اليوم على الكفاءة النوعية والتكامل بين الأنظمة الجوية والبحرية والدفاعية، وليس فقط على الكمّ. وهذا ما يجعل القوات المسلحة المصرية تبني بصمت قوة ردع حقيقية تتجاوز حسابات الأرقام إلى مستوى القدرة على فرض التوازن”.
مصر والسودان يتفقان على تعزيز التعاون لحماية حقوقهما المائية
