05 ديسمبر 2025

تشهد السجون المصرية، وتحديدا مركز إصلاح وتأهيل بدر 3 شرق القاهرة، أزمة متصاعدة في ظل إضراب جماعي عن الطعام يخوضه 30 سجينا سياسيا، معظمهم من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، احتجاجا على ما وصفوه بـ “الانتهاكات الممنهجة وظروف الاحتجاز اللاإنسانية”.

وبحسب مصادر حقوقية ، بدأ الإضراب في 20 يونيو الماضي، داخل قطاع 2 من سجن بدر 3، وبلغ ذروته في 19 يوليو الجاري، وسط تزايد حالات الإعياء ومحاولات الانتحار بين السجناء.

ومن بين المضربين شخصيات بارزة، بينهم رفاعة الطهطاوي، الأمين العام الأسبق لرئاسة الجمهورية، إلى جانب قيادات مثل محمد البلتاجي، حسن مالك، صفوت حجازي، أسامة ياسين، وأسامه مرسي، نجل الرئيس الراحل محمد مرسي.

وتعد هذه الخطوة امتدادا لسلسلة من الإضرابات داخل السجن، رفضا لما يقول السجناء إنه “عقاب جماعي” من قبل جهاز الأمن الوطني، يشمل الحرمان من الزيارة، والعزل التام، ومنع إدخال الطعام، وقطع التواصل مع العالم الخارجي، وصولا إلى الإبقاء على الأضواء مشتعلة طوال اليوم والمراقبة بالكاميرات على مدار الساعة.

وتسربت مؤخرا رسائل من داخل السجن، أبرزها رسالة وصفت بالصادمة من نائب محافظ الإسكندرية الأسبق حسن البرنس، الذي وصف قطاع 2 بـ”عنبر الموت”، قائلا: “قدمت روحي لله من أجل إنهاء منظومة الظلم التي يديرها الأمن الوطني… حيث الموت البطيء لأحرار الوطن”.

وأضاف: “محرومون من أبسط حقوق السجناء، من زيارة، إلى إدخال الطعام، حتى صلاة الجمعة لا تسمح لنا بها”.

ووفق إفادات شهود ومحامين، أقدم السجين رضا السيد أبو الغيط، خلال جلسة محاكمة بتاريخ 12 يوليو الماضي، على محاولة انتحار علنية داخل قاعة المحكمة، بعد سنوات من منعه من زيارة أسرته.

وتعد هذه الحادثة امتدادا لموجة متكررة من محاولات الانتحار التي وثقتها منظمات حقوقية في السجن نفسه، شملت نحو 60 سجينًا خلال عام 2023 وحده.

ورغم تعهد السلطات المصرية منذ افتتاح مجمع سجون بدر في أواخر 2021 بالتحول إلى “نموذج إصلاحي”، إلا أن تقارير حقوقية دولية ومصرية، من بينها “لجنة العدالة” و”المفوضية المصرية للحقوق والحريات”، تؤكد استمرار ممارسات قمعية ممنهجة تفوق في قسوتها سجونًا سيئة السمعة مثل “العقرب”، واصفة بدر 3 بأنه “العقرب الجديد”.

وتكررت مشاهد مشابهة في سجون أخرى مثل “الوادي الجديد” و”العاشر من رمضان”، حيث دخل سجناء في إضرابات متواصلة بسبب “التعذيب اليومي وغياب الحد الأدنى من مقومات الحياة”، وفق شهادات مسربة تحدثت عن “حفلات استقبال” مهينة، وحرمان مطلق من الزيارة والعلاج والغذاء.

وفي هذا السياق، أصدرت 11 منظمة حقوقية بيانا مشتركا حملت فيه السلطات المصرية، بما في ذلك وزارة الداخلية والأمن الوطني والنيابة العامة، مسؤولية تدهور الأوضاع وسلامة المحتجزين، ودعت إلى: تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الانتهاكات ومحاولات الانتحار، وتفعيل المادة 60 من لائحة السجون الخاصة بحق الزيارة، وتقييد السلطة التقديرية في منع إدخال المتعلقات، وتوقيع مصر على البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب، الإفراج عن السجناء السياسيين استنادًا إلى مقترحات حقوقية مصرية قُدمت عام 2022.

وفي يوم إحياء ذكرى نيلسون مانديلا، دعت منظمات إلى التذكير بأن السجون لا تُقاس بجدرانها فقط، بل بما يحدث خلفها، حيث يعيش الآلاف في عزلة قسرية تحت رقابة أمنية مشددة، في مفارقة دامغة بين خطاب “الإصلاح” وممارسة “الردع”.

تدفقات أجنبية مستمرة نحو أذون الخزانة المصرية رغم توترات الشرق الأوسط

اقرأ المزيد