05 ديسمبر 2025

تشهد الساحة السياسية في الجزائر موجة نقاش محتدمة عقب طرح مشروع قانون جديد يقضي بسحب الجنسية الجزائرية عمن يدان بارتكاب أفعال تُعتبر ماسة بأمن الدولة أو وحدتها الوطنية، سواء داخل البلاد أو خارجها.

وأعيد إدراج المقترح على جدول أعمال البرلمان بعد سنوات من التجميد، أثار انقساما حادا بين من يراه ضرورة لحماية الأمن القومي، ومن يعتبره مدخلاً لتقييد الحريات السياسية.

والمبادرة قدّمها النائب هشام صفر عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي، ثالث أكبر كتلة برلمانية، وتقضي بتجريد أي جزائري من جنسيته في حال ثبت تعامله مع جهات أجنبية “بنية الإضرار بالجزائر”، أو انخراطه في منظمات “إرهابية أو تخريبية”، أو استمراره في العمل لصالح أجهزة أمنية أو عسكرية تابعة لدول أخرى.

ويشمل المقترح أيضا إمكانية سحب الجنسية المكتسبة لمن يرتكب هذه الأفعال داخل البلاد، مع ضمان حق المتهمين في الدفاع القانوني خلال فترة لا تتجاوز شهرين قبل صدور القرار النهائي.

والنائب صفر، الذي يشغل رئاسة اللجنة القانونية في البرلمان، برر الخطوة بأنها تأتي لـ”سدّ فراغ تشريعي قائم منذ أكثر من عقدين”، مشيرا إلى أن القانون الحالي لم يعد كافيا لمواجهة “الظواهر الجديدة التي تهدد مصالح الدولة ورموزها”.

وقال في تصريحات لوسائل الإعلام إن “الانتماء الوطني ليس مجرد وثيقة، بل التزام بقيم البلاد ومقوماتها، ومن يخون هذا الانتماء لا يستحق حمل الجنسية الجزائرية”.

ولم يمر مشروع القانون دون انتقادات، حيث عبر نواب من حزب البناء الوطني وأطراف سياسية أخرى عن مخاوف من توظيفه سياسيا ضد المعارضين.

وقال النائب كمال بن خلوف إن “طرح قانون من هذا النوع في السياق الحالي قد يُفهم على أنه محاولة لتكميم الأفواه، خصوصا مع غياب تعريف دقيق لما يعد عملاً ضد الدولة”، وأضاف أن “الاختلاف في الرأي لا يمكن أن يُفسَّر كتهديد للوحدة الوطنية”.

ويرى منتقدون أن المشروع الجديد يعيد إلى الواجهة الجدل الذي رافق مبادرة حكومية مشابهة في عام 2021، تم تجميدها حينها بعد احتجاجات حقوقية واسعة، وسط تحذيرات من أن سحب الجنسية “إجراء تعسفي يتعارض مع المواثيق الدولية”، خصوصاً المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أنه “لا يجوز حرمان أي شخص من جنسيته تعسفا”

ويأتي طرح القانون الجديد بعد تصريحات للرئيس عبد المجيد تبون دعا فيها إلى “التصدي لخائن الدار” والتعاون الوطني لمواجهة “التهديدات الداخلية”، في إشارة فُسرت على نطاق واسع بأنها موجهة إلى نشطاء ومعارضين في الخارج ينتقدون الحكومة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل.

وفي هذا السياق، يرى الصحافي علي بوخلاف أن مشروع القانون “يستهدف بالدرجة الأولى المعارضين المقيمين في الخارج”، مشيراً إلى أن “السلطات سبق أن أدرجت حركات مثل رشاد والماك على قوائم الإرهاب”، ما يجعل تمرير مثل هذا القانون “خطرا على المجال السياسي والإعلامي الجزائري”.

وكانت الحكومة قد صنفت في مايو 2021 حركة رشاد الإسلامية وحركة الماك الانفصالية كـ”كيانين إرهابيين”، تلاها نشر قائمة رسمية تضم 16 شخصاً في “اللائحة الوطنية للإرهاب”، الأمر الذي ترافق مع اعتقالات واسعة وملاحقات قضائية داخل البلاد وخارجها.

ومن الناحية القانونية، ينص قانون الجنسية الجزائري المعدل عام 2005 على إمكانية التجريد من الجنسية لمن يصدر بحقه حكم في قضايا تمس “المصالح الحيوية للدولة”، بينما تمنح المادة 23 من القانون المتهم الحق في تقديم دفاعه قبل صدور المرسوم النهائي بسحب الجنسية.

انطلاق فعاليات “منتدى أنطاليا الدبلوماسي” في تركيا

اقرأ المزيد