19 ديسمبر 2025

أعاد مقترح تعديل قانون الجنسية في الجزائر فتح نقاش واسع داخل الأوساط السياسية والحقوقية، بالتزامن مع شروع لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني في دراسته.

وجاء ذلك خلال اجتماع للجنة البرلمانية، خصص للاستماع إلى عرض قدمه النائب هشام صفر صاحب المقترح، بحضور وزير العدل حافظ الأختام لطفي بوجمعة، إلى جانب ممثلين عن وزارتي العدل والعلاقات مع البرلمان وعدد من القيادات البرلمانية.

وأكد رئيس اللجنة، في كلمته، أن مقترح تعديل قانون الجنسية يندرج ضمن سياق دستوري ووطني يهدف إلى تحصين المنظومة القانونية وحماية السيادة الوطنية، مشددا على أن الجنسية الجزائرية ليست وضعا شكليا، بل رابطة قانونية وأخلاقية تقوم على الالتزام بالولاء للوطن والدفاع عن وحدته وأمنه.

ومن جانبه، أوضح النائب هشام صفر أن النص المقترح يسعى إلى مواءمة قانون الجنسية مع أحكام الدستور والالتزامات الدولية ذات الصلة، مع ضبط حالات التجريد من الجنسية ضمن إطار قانوني صارم.

واعتبر أن الإجراء لا يمثل قاعدة عامة، بل خيارا قانونيا استثنائيا لا يلجأ إليه إلا في حالات نادرة تتعلق بالإضرار المتعمد بمصالح الدولة العليا أو التنكر الصريح لواجب الولاء.

وأشار إلى أن المقترح لا يستهدف مبدأ ازدواج الجنسية بحد ذاته، وإنما يركز على حالات استغلالها للإفلات من المسؤولية أو المساس بأمن الدولة، مستعرضا الأفعال التي قد تبرر التجريد، من بينها التخابر مع جهات أجنبية، أو الانخراط في جماعات إرهابية أو تخريبية، أو تقديم دعم مادي أو دعائي لها.

وفيما يتعلق بالمسار الإجرائي، أوضح صاحب المقترح أن التجريد يتم بمرسوم رئاسي بعد توجيه إنذار رسمي للمعني لا يتجاوز أجله 60 يوما، مع ضمان حقه في الإخطار والدفاع وتقديم الملاحظات، إضافة إلى إمكانية استرجاع الجنسية لاحقا وفق شروط محددة.

ومن جهته، شدد وزير العدل لطفي بوجمعة على أن مراجعة أحكام فقدان أو سحب الجنسية تظل إجراءً “استثنائيا جدا”، ولا يطبق إلا في حالات خطيرة تمس المصالح العليا للدولة، مثل الخيانة العظمى أو التخابر مع دولة أجنبية أو تهديد وحدة المجتمع، وأكد أن نطاق النص المقترح محدود ولا يشمل سوى الحالات المرتبطة مباشرة بأمن الدولة ووحدتها الوطنية.

وفي المقابل، عبرت شخصيات سياسية وحقوقية عن تحفظات واسعة إزاء المشروع، حيث حذر المحامي عبد الرحمن صالح من خطورة بعض الصياغات التي وصفها بالفضفاضة، معتبرا أنها تفتح المجال لتأويلات تمس الضمانات القانونية وحقوق الأفراد، كما رأى أن النص يفتقر إلى الدقة والصياغة القانونية الصارمة.

وبدوره، أبدى النائب السابق يوسف خبابة تخوفه من أن يشكل المشروع مساسا بالحقوق الأساسية وحرية التعبير، معتبرا أن معالجة الأفعال الإجرامية يجب أن تتم عبر الملاحقة القضائية والعقوبات القانونية، لا من خلال نزع الجنسية.

كما حذرت منظمة “شعاع” لحقوق الإنسان من تداعيات المشروع، معتبرة أنه يفتح الباب أمام توظيف مفاهيم عامة لتجريم الرأي والمعارضة، لا سيما في ظل السياق القضائي الراهن، ودعت إلى سحب المقترح وتحييد الجنسية الأصلية عن أي إجراء عقابي.

وبحسب النص المقترح، يمكن تطبيق التجريد من الجنسية الأصلية على الجزائريين المقيمين بالخارج في حال ارتكاب أفعال تمس أمن الدولة أو وحدتها، أو إظهار الولاء لدولة أجنبية مع التنكر للجزائر، أو تقديم دعم لجهات معادية رغم الإنذار.

ويشمل الإجراء من اكتسب الجنسية الجزائرية في حال ارتكابه الأفعال نفسها داخل البلاد، مع حصر التطبيق في الحالات المنصوص عليها دون توسع.

وينص المشروع أيضا على إمكانية استعادة الجنسية بعد مرور 24 شهرا على الأقل من تاريخ التجريد، في حال زوال الأسباب التي أدت إلى اتخاذ الإجراء، في محاولة لتحقيق توازن بين حماية الدولة وضمان الحقوق الفردية.

ستة قتلى و19 جريحاً في حادث سير مروّع غربي الجزائر

اقرأ المزيد