في ظل موجة الجفاف المتكررة التي تضرب دول غرب ووسط إفريقيا، والتي تسببت في خسائر فادحة للمزارعين وفقدان ملايين رؤوس الماشية، تبرز مبادرة غير تقليدية كـ”شبكة أمان” لإنقاذ القطاع الزراعي، وذلك بتربية صراصير الليل لإنتاج علف حيواني غني بالبروتين.
وأجبر التصحر وانحسار المراعي المزارعين في موريتانيا ودول الجوار على البحث عن بدائل لإنقاذ مواشيهم من الموت جوعا، ما دفع جمعيات محلية ودولية إلى الترويج لفكرة اعتماد صراصير الليل كمصدر مستدام للعلف.
ورغم أن الفكرة واجهت رفضا في البداية لارتباط الصراصير في الأذهان بتهديد المحاصيل إلا أن حملات التوعية نجحت في إقناع المزارعين بجدواها الاقتصادية والبيئية.
وتحتوي الصراصير على نسبة بروتين تصل إلى 70%، مقارنة بـ20% في فول الصويا، وتستهلك موارد محدودة لا تحتاج لمساحات كبيرة أو مياه وفيرة، وتتغذى على مخلفات الخضروات وعلف الدجاج، ويمكن تربيتها في حاويات بسيطة، مع إمكانية الحصاد كل 6 أسابيع.
ونجحت المشاريع التجريبية في كينيا وبنين وساهمت بخفض نفوق الماشية بنسبة ملحوظة، خاصة بعد أن نفق 2.6 مليون رأس ماشية بين 2021 و2023 بسبب الجفاف.
ورغم استخدام الصراصير كعلف، ما زال المجتمع يرفض فكرة تناولها كغذاء بشري رغم قيمتها الغذائية العالية، مما يحد من توسع المشروع.
وفي شهادات ميدانية يقول “أحمدو سيدي”، مزارع من جنوب موريتانيا “كنت أعتقد أن تربية الحشرات ضرب من الجنون، لكن تدريب الجمعيات أقنعني بأنها قد تنقذ ماشيتي التي فقدت نصفها في السنوات الأخيرة”.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 80% من أراضي الساحل الإفريقي تعاني تدهورا بسبب التصحر وتُموِّل منظمات مثل الفاو والاتحاد الأوروبي هذه المشاريع، بينما تواجه الحكومات المحلية اتهامات بالتأخر في تبني الحلول المبتكرة.
وينتقد بعض الخبراء اعتماده على التمويل الخارجي، ورغم الإجماع على فوائد المشروع البيئية، محذرين من تحوُّله لـ”حل مؤقت” لا يعالج جذور الأزمة، مثل سوء إدارة الموارد وعدم استقرار الأمن في مناطق الرعي، وتسعى الجمعيات إلى تعميم التجربة في 10 دول إفريقية بحلول 2025، مع تطوير منتجات جديدة من الصراصير كـ”دقيق بروتيني” للإنسان، لكن الطريق ما زال طويلًا أمام تغيير العادات الاجتماعية.