05 ديسمبر 2025

يثير مشروع الربط الكهربائي تونس-إيطاليا (ELMED) جدلاً بين المخاوف النقابية من تكلفته واعتماد تونس على الخارج، وخبراء يرون فيه فرصة لتعزيز الأمن الطاقي والتصدير للطاقة النظيفة، ما يستلزم إدارة ذكية وشفافة.

لا يزال مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا (ELMED) يثير جدلاً واسعاً في الأوساط التونسية المعنية بقطاعي الطاقة والنقل، حيث تتباين المواقف بين تحذيرات نقابية من مخاطره الاقتصادية والاستراتيجية، وتأكيدات خبراء على فرصه في تعزيز الأمن الطاقي للبلاد وإدماجها في السوق الأوروبية للكهرباء.

في تصريحات صحفية، وصف إلياس بن عمار، العضو في الجامعة العامة للكهرباء والغاز التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، المشروع بأنه “مشروع مفروض”، مشيراً إلى أن الدولة التونسية تتحمل الجزء الأكبر من تكلفته بينما تستفيد أوروبا من منافعه.

وأعرب عن قلقه من أن تحوّل المشروع إلى خط ثنائي الاتجاه بعد عام 2011 قد يجعله أداة لاستيراد الكهرباء الأوروبية إلى تونس، مما يزيد من اعتماد البلاد على الخارج في أوقات النقص، بدلاً من أن يكون قناة لتصدير الكهرباء المحلية.

كما انتقد بن عمار غياب دراسة جدوى مالية شفافة حول المشروع، معتبراً أن القانون التونسي لعام 2015 لا يلزم محطات التصدير بتزويد السوق المحلية بالكهرباء، حتى في حالات الأزمات الطاقية.

من جهة أخرى، يؤكد خبراء في مجال الطاقة أن المشروع يمثل فرصة استراتيجية لتونس، حيث يمنحها مرونة كبيرة في اختيار مصادر الكهرباء عند الحاجة، مما يقلل من الاعتماد على مصدر واحد ويعزز الأمن الطاقي الوطني.

ويشير هؤلاء إلى أن الربط الحالي بطاقة 600 ميغاواط يمكن تطويره مستقبلياً ليصبح أداة رئيسية لتصدير الطاقة النظيفة.

ويلفت الخبراء إلى أن تحول موقف البنك الدولي من الرفض إلى دعم تمويل المشروع ضمن رؤية السوق الأوروبية الموحدة للطاقة المتجددة، يعد مؤشراً إيجابياً على جدوى المشروع وإمكانيات نجاحه.

يمكن قراءة مشروع ELMED من خلال النقاط التالية:

– المخاطر التي تذكرها النقابة موجودة، لكنها ليست حتمية، ويمكن تجنبها عبر إدارة مستنيرة.
– الفوائد المحتملة كبيرة إذا أُدير المشروع بشفافية، مع ضمان حصة عادلة للسوق المحلية من الإنتاج وتوجيه الأرباح نحو الاستثمار في البنية التحتية الوطنية.
– المشروع لا يعزل تونس عن السوق الأوروبية، بل يمنحها مرونة استراتيجية، ويضعها في موقع حلقة وصل طاقية بين أوروبا وإفريقيا.

يطرح مشروع الربط الكهربائي تونس-إيطاليا معضلة متوازنة بين المخاوف النقابية والفرص الاستراتيجية، فمن جهة، يجب التأكيد على الشفافية المالية وضمان استفادة السوق المحلية، وعدم تحميل الدولة التونسية كل التكاليف دون عوائد واضحة. ومن جهة أخرى، يمكن أن يكون المشروع محركاً للطاقة النظيفة والتصدير، ويمنح تونس مرونة استراتيجية غير مسبوقة في إدارة أمنها الطاقي.

وفي النهاية، يمكن القول إن مشروع ELMED ليس مجرد خط كهرباء، بل أداة استراتيجية تحتاج إلى إدارة ذكية لضمان أن يكون مصدر قوة وتطوّر للطاقة التونسية، لا أن يتحول إلى مصدر للقلق والاعتماد على الخارج.

محاكمة معارضين تونسيين بتهمة “التآمر” تبدأ الثلاثاء القادم

اقرأ المزيد