22 ديسمبر 2024

يسعى الاتحاد الإفريقي لحلحلة الأزمة السياسية الليبية المتجمدة، وذلك عبر تجديد مسار “المصالحة الوطنية” الذي تعطّل إثر تزايد الخلافات السياسية بين “الشركاء والخصوم”.

وفي اجتماعين منفصلين بالعاصمة طرابلس، الجمعة، التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ونائبه عبد الله اللافي، بوفد إفريقي برئاسة الرئيس الحالي للاتحاد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني. كما ضم الوفد رئيس مفوضية الاتحاد موسى فكي، والممثل الخاص لرئيس الكونغو برازافيل، رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي رفيعة المستوى المعنية بليبيا، وزير الخارجية جان كلود جاكوسو.

كما عُقد اجتماع مماثل للوفد الإفريقي في مقر حكومة “الوحدة الوطنية” المنتهية ولايتها، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

واستهل المنفي اجتماعه بوفد الاتحاد بجرد الخطوات التي اتُّخذت منذ انطلاق عملية “المصالحة الوطنية” بقيادة مجلسه، بشراكة مع الاتحاد ودعم المجتمع الدولي من خلال قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومخرجات “مسار برلين”، لافتاً إلى “التحديات التي تواجه إنجاز هذا الاستحقاق التاريخي، والسبل الكفيلة بتجاوزها”.

ونقل المجلس الرئاسي في بيانه أن الاتحاد الإفريقي “يؤكد استمرار التزامه بمسار المصالحة الوطنية، وبوحدة ليبيا وسيادتها واستقرارها في مواجهة التدخلات الخارجية، وهو ما أكده الغزواني وفكي وكلود في كلماتهم”، مشيراً إلى أن هذه الزيارة تأتي تجسيداً لقرار الاتحاد في دورته المنعقدة في فبراير 2024، ولـ”نداء برازافيل” الصادر عن قمة لجنة الاتحاد رفيعة المستوى المعنية بليبيا.

وثمّن المنفي في كلمته اجتماع الوفد الأفريقي في طرابلس، وعدّه خطوة “تحمل معاني ورسائل تعبر عن التزام إفريقيا بمساعدة ليبيا في تجاوز هذه الظروف”، كما تعبر عن “الانتماء المصيري لليبيا إلى قارة إفريقيا”، مشيداً بالدور الذي يضطلع به الرئيس الكونغولي ومفوضية الاتحاد التي تعززت بانتخاب الرئيس الغزواني رئيساً للاتحاد الإفريقي في دورته الحالية.

ودافع المنفي عن مجلسه، قائلاً إنه “ليس طرفاً من أطراف الصراع في ليبيا، وهو على تواصل مع الأطراف كافة، ومستمر في تعزيز نهج الشراكة الوطنية وتحقيق الملكية الوطنية للحل”، كما بارك مبادرة الاتحاد لعقد لقاء للأطراف الليبية المنخرطة في عملية المصالحة في أديس أبابا.

وكان المنفي قد استقبل الرئيس الغزواني صباح الجمعة، وجرت للرئيس الموريتاني مراسم استقبال رسمية، وتم عزف السلام الوطني لكل من الدولتين.

وسبق أن قطع المجلس الرئاسي الليبي رفقة الاتحاد الإفريقي خطوات في مسار “المصالحة الوطنية” بالعمل على عقد “مؤتمر جامع للمصالحة” في مدينة سرت نهاية أبريل الماضي، لكن أُجهض هذا التحرك بفعل الأزمات السياسية بين “الشركاء”، ممثلين في السلطة التنفيذية بطرابلس، والمجلس الأعلى للدولة، و”الخصوم” الممثلين في جبهتَي غرب ليبيا وشرقها.

في السياق ذاته، اجتمع الدبيبة بوفد الاتحاد الإفريقي في مقر رئاسة الوزراء بطرابلس، وعدّ الزيارة “رسالة دعم قوية لليبيا في هذا الوقت الحاسم”، مشيراً إلى أن “المشهد السياسي الليبي يدخل مرحلة جديدة، بعد أن بدأنا في اتخاذ خطوات حاسمة لحل العقبات التي قيّدت المشهد السياسي لسنوات.

وقال الدبيبة: “عازمون على المضي قدماً لتحقيق قرارات محورية لإزالة العوائق التي شوهت مسار الاستقرار الذي نُصرّ على تحقيقه”، ولم يفصح الدبيبة عن نوعية هذه القرارات، لكنه قال إن حكومته “مستمرة بقوة في هذا المسار، خاصة إذا أثرت في قضايا أمننا القومي”، مضيفاً أن كل ذلك “يصب في صالح رؤيتنا الواضحة لمستقبل ليبيا التي يجب أن تعبر من خلال إنهاء المراحل الانتقالية، والذهاب المباشر لإجراء الانتخابات، عبر أساس قانوني متين ونزيه”.

من جانبهم، أكد أعضاء الوفد الإفريقي دعم الاتحاد المتواصل لليبيا في هذه المرحلة الدقيقة؛ إذ قال الرئيس الموريتاني إن “استقرار ليبيا هو استقرار للقارة الإفريقية بأكملها”، مشيراً إلى أن الاتحاد “ملتزم بمواصلة دعم ليبيا في طريقها نحو المصالحة الوطنية والتنمية المستدامة”، ومؤكداً أن “عودة ليبيا لدورها الطبيعي داخل الاتحاد الأفريقي أمر ضروري”.

من جهته، أشار فكي إلى أن الاتحاد سيواصل “تقديم ما يلزم لدعم ليبيا في مساعيها لتحقيق الأمن والاستقرار”، مبرزاً أن “التعاون الإفريقي مع ليبيا لا يقتصر فقط على الجانب السياسي، بل يمتد ليشمل التنمية في مختلف المجالات. والمصالحة الوطنية في ليبيا هي الأساس لبناء مستقبل مستدام”.

في سياق ذلك، نقل مكتب الدبيبة عن وزير الخارجية الكونغولي قوله إن الاتحاد “سيكون شريكاً استراتيجياً لليبيا التي تشهد استقراراً واضحاً”، مضيفاً أن ليبيا “تعد بلداً محورياً، ولعبت دوراً مهماً في مساعدة دول القارة”.

ولم يجرِ وفد الاتحاد الإفريقي زيارة إلى شرق ليبيا، حتى بعد ظهر الجمعة. وسبق لرئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، زيارة موريتانيا في 28 أغسطس الماضي، الأمر الذي أغضب حكومة “الوحدة” حينها، ما دفع السلطات الموريتانية إلى حذف جميع الأخبار المتعلقة بزيارة حماد من وكالة الأنباء الرسمية.

 

لقاء ليبي روسي لتعميق الروابط الثنائية

اقرأ المزيد