رشيدة شمس الدين محللة سياسية وناشطة سودانية، توضح لموقع أخبار شمال إفريقيا، أبعاد التدخل الأمريكي في الأزمة السودانية بعد دخول الحرب عامها الثالث، حيث ترى أن التحرك الحالي جاء نتيجة إدراك متأخر لخطورة الصراع الذي ظل لسنوات خارج دائرة الاهتمام الدولي والإعلامي.
وتشير إلى أن وصف الحرب بـ”المنسية” لم يكن مبالغاً فيه، إذ غابت عن أجندة القوى الفاعلة رغم امتدادها الجغرافي وتأثيراتها العميقة على المنطقة، وتؤكد أن دخول الولايات المتحدة الآن على خط الأزمة يحمل وزناً سياسياً لافتاً، خاصة أنها كانت خلال الفترة الماضية جزءاً من الآلية الرباعية التي تضم الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية.
ولكنها ترى أن وتيرة التحرك الأمريكي لم تكن بالسرعة ولا بالجدية المطلوبة، رغم المناشدات المتكررة ووجود تقارير أوضحت للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حجم التدخلات الإقليمية وتعقيدات المشهد، ومن بينها دخول روسيا وإيران والصين على خط الأزمة.
وتشير إلى أن دعم الإمارات لمليشيات الدعم السريع كان من أبرز العوامل التي فاقمت الحرب، خصوصاً مع أهمية الموقع الجغرافي للسودان الممتد على البحر الأحمر والمتاخم للسعودية ومصر وتشاد وإفريقيا الوسطى وليبيا، وهي جميعها دول تعاني من أزمات مركّبة تتأثر مباشرة باستمرار القتال في السودان.
وترى أن هذه المعطيات دفعت واشنطن إلى إعادة تقييم موقفها، وأن المبعوث الأمريكي جاك رام تعهّد بالنظر إلى الأزمة برؤية جديدة قد تحمل مزيداً من الضغط على أطراف النزاع.

وتشرح أن التحديات التي تواجه مساعي السلام متعددة، إذ تتوزع بين ميليشيات الدعم السريع والحكومة السودانية والجيش الذي يقاتل الميليشيات المتمردة، فيما تظل الولايات المتحدة ضلعاً مؤثراً في الرباعية المعنية بملف السودان إلى جانب الإمارات ومصر والسعودية.
وفي ما يتعلق بمساعي وقف إطلاق النار، توضح أن جميع الاتفاقيات المطروحة حتى الآن بدت هشة أو “ورقية” كما وصفها مبعوث الاتحاد الإفريقي مسعد بولوس، إذ رفضتها مليشيات الدعم السريع والحكومة السودانية على حدّ سواء، وتشير إلى أن المليشيات أعلنت في وقت سابق هدنة سرعان ما نقضتها باستهداف مدينة بابنوسة، وهو ما يعكس عدم جدية الالتزام بأي اتفاق.
وتضيف أن الجيش السوداني يرفض بدوره مبادرة الهدنة ويعارض الآلية الرباعية بسبب وجود الإمارات التي تتهمها الخرطوم بدعم الميليشيات، وتؤكد أن عدم التزام الأطراف المتحاربة بالاتفاقات يمثل العقبة الكبرى أمام تحقيق اختراق حقيقي، في ظل غياب تحركات دولية حاسمة كان يمكن أن تحول دون بلوغ الحرب عامها الثالث.
وتستعرض ما أعلنه رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان عن تشكيل لجنة لدراسة والرد على الورقة المقدمة من مسعد بولوس، إضافة إلى النقاشات المتعلقة باتفاق جدة الذي كان من أولى محاولات وقف الحرب، وتشير إلى أن الحكومة قدمت رؤيتها التي شملت تفكيك الميليشيات وخطوات تنظيمية وأمنية مختلفة، إلى جانب شروط تتعلق بدخول المساعدات الإنسانية.
ورغم كل التعقيدات، يشدد على أن الحروب لا تستمر بلا مفاوضات، مستشهداً بخبرة السودان الطويلة مع الصراع الذي امتد خمسة عقود بين الشمال والجنوب قبل أن ينتهي بالانفصال، وتأمل في أن تنجح الجهود الراهنة في الوصول إلى اتفاق يحترمه الطرفان وتلتزم به الأطراف الدولية.
وتختتم بالتأكيد على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في مراقبة مسار وقف الحرب في السودان وضمان عدم تكرار الانهيارات السابقة.
برنامج الأغذية العالمي يحذر من أزمة جوع عالمية تهدد 14 مليون شخص
