مرة أخرى، يزور وفد أمريكي رفيع المستوى الشرق الليبي ويجري لقاء مع القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر، بعد أقل من شهر على زيارة قام بها وفد رفيع برئاسة مايكل لانغلي، قائد القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم).
الوفد الأمريكي الجديد ترأسته مساعدة وزير الدفاع الأمريكي للشؤون الأمنية الدولية، الدكتورة سيليست والاندر، وضم قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا (الأفريكوم)، الفريق “جون برينان”، والقائم بأعمال السفارة الأمريكية في ليبيا، جيريمي برنت، وبحث وفق بيان وزعته القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية “آفاق التعاون والتنسيق المُشترك لدعم جهود القوات المُسلحة العربية الليبية للقضاء على الإرهاب والتطرف ومكافحة الهجرة غير الشرعية”.
وبحسب البيان، عبرت الدكتورة والاندر عن تقدير الولايات المتحدة الأمريكية للجهود التي تبذلها القوات المُسلحة العربية الليبية لتعزيز وحدة واستقرار ليبيا، كما تمت مناقشة آخر تطورات الأزمة الليبية والتأكيد على أهمية احراز تقدم في العملية السياسية بهدف تهيأة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات في ليبيا.
وتأتي الزيارة الأمريكية الجديدة للشرق الليبي بالتزامن مع تسرييبات صحافية تؤكد أن هذا الاهتمام الأمريكي المستمر بالشرق المستقر يهدف إلى طلب توقيع اتفاقية أمنية تسمح ببناء قاعدة عسكرية على الحدود مع تشاد، الأمر الذي يوفر للولايات المتحدة إشرافاً على المنطقة التي خسرتها في القارة السمراء، بعد أن أنهت النيجر اتفاقيتها العسكرية مع الولايات المتحدة، وإجبار القوات الأمريكية على الانسحاب من البلاد.
بدوره، كشف المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، عن نهج أميركي جديد يركز على جنوب ليبيا، معرباً عن استعداد واشنطن للمساعدة في الوصول إلى تفاهمات مشتركة بين قوات شرق وغرب ليبيا تمكنهم من العمل معًا لتأمين الحدود الجنوبية لبلادهم.
وتحدث نورلاند في مقابلة مع موقع “اليوم السابع” المصري، عن زيارة قائد “أفريكوم”، مايكل لانغلي، إلى ليبيا، التي سوّق إلى أنها تهدف إلى إنهاء الأزمة بين الشرق والغرب، قبل يكشف عن الهدف الحقيقي من الزيارة عبر قوله إن ” واحدة من الرسائل التي سعى الجنرال لانغلي إلى نقلها لمحاوريه الليبيين هي أن الاضطرابات في منطقة الساحل وعدم الاستقرار على الحدود الجنوبية لليبيا تستدعي أهمية تأمين الحدود لحماية سيادتها”.
وفي تأكيد على سعي الولايات المتحدة إنشاء قاعدة عسكرية في الجنوب الليبي، أوضح نورلاند أنه “لتحقيق ذلك يجب على قوات الأمن في الشرق والغرب البدء في تنسيق أنشطتها وتبادل الخبرات والمعرفة”، وتابع “ربما يمكن للولايات المتحدة أن تُسهم في هذه التفاهمات المشتركة مما يساعدهم في العمل معا لتأمين حدودهم”.
وأضاف “نحن لا نتوهم أن ذلك سيحدث بسرعة، فهناك مخاوف بشأن القيادة والسيطرة لكن حتى قبل حل هذه المشكلات نعتقد أنه من الممكن لهذه الكيانات أن تستفيد من العمل معًا ونريد دعم ذلك الهدف من كل هذا وهو مساعدة الليبيين على حماية سيادتهم”.
وبينما أعاد نورلاند خلال حديث سبب تضاؤل اهتمام الدول الفاعلة بليبيا ومنطقة الساحل والصحراء جراء الحرب في أوكرانيا، قال “أعتقد انه من الآمن القول إنه من خلال تجربتي كسفير والآن كمبعوث خاص هناك عودة لاهتمام الولايات المتحدة بمساعدة الشعب الليبي والدول المجاورة”.
وشرح قائلاً “الفكرة تتمثل في دمج دبلوماسيتنا وتطوير القدرات الدفاعية في نهج شامل وليس عسكريًا فقط”، موضحاً أن “ليبيا كانت واحدة من البلدان التي وقع الاختيار عليها لتكون بمثابة برنامج تجريبي لهذا النهج الجديد”.
وقال أيضا “سنبدأ بالتركيز على الجنوب الليبي وهو منطقة جرى تهميشها وقريبة من بؤرة الاضطرابات في منطقة الساحل” حيث ستعمل الولايات المتحدة في عدة “مجالات مثل التنمية السياسية والدفاعية تسهم في تحقيق الاستقرار مثل مساعدة المجموعات في المنطقة بعد الصراع في 2019 و2020 هذا مجرد مثال واحد”.
ويعتقد نورلاند “أن الولايات المتحدة تتبنى الآن نهجاً أكثر نشاطًا واستراتيجية لمحاولة الانخراط في ليبيا”، متوقعاً “إعادة فتح السفارة الأميركية في طرابلس مما سيضمن وجودًا دبلوماسيًا هناك وهو دليل ملموس على اهتمام الولايات المتحدة بهذا الملف”.
وتحاول الولايات المتحدة الأمريكية استثمار الاضطرابات في الساحل الإفريقي، على خلفية النشاط المتزايد للفصائل الإرهابية، التي ظهرت من العدم بعد بدء خروج القوات الأمريكية، ما يذكر بسيناريوهات مماثلة استثمرت خلالها الولايات المتحدة الإرهاب لاحتلال الدول.
كذلك، تحاول واشنطن استثمار حالة الاستقرار الكبيرة في الشرق الليبي، على خلاف الغرب الذي يعيش حالة فوضى جراء التدخل الأمريكي والغربي المستمر، والانتشار الفصائلي المرتبط بأجندة أجنبية.
الهلال الأحمر الليبي يتصدى لحريق مول وينقذ الآلاف في طرابلس