تعزز مالي والنيجر التكامل الاقتصادي ضمن تحالف دول الساحل، حيث ناقش وفد نيجيري مع الرئيس المالي أسيمي غويتا مشاريع مشتركة تشمل الربط الكهربائي وإلغاء رسوم التجوال ودراسة عملة موحدة، وهذه الجهود تأتي بعد انسحاب التحالف من “إيكواس”.
استقبل الرئيس الانتقالي المالي، الفريق أول أسيمي غويتا، وفداً رفيع المستوى من النيجر يوم الجمعة في باماكو، برئاسة موموني بوبكر سيدو، الوزير المنتدب لدى رئيس الوزراء للشؤون المالية.
وجاءت هذه الزيارة في إطار الجهود المستمرة لتوحيد السياسات الاقتصادية بين أعضاء تحالف دول الساحل، الذي يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وقدم الوفد النيجيري، المفوض من قبل الرئيس النيجيري الجنرال عبد الرحمن تياني، تقريراً مفصلاً عن المفاوضات التي استمرت 48 ساعة مع المسؤولين الماليين في باماكو.
وتهدف هذه المناقشات إلى تعزيز التقارب الاقتصادي بين الدول الثلاث، وتحسين التجارة البينية، ووضع الأسس لإنشاء اقتصاد كونفدرالي مستقل.
ورحب الرئيس أسيمي غويتا بالتقدم المحرز في المناقشات، مؤكداً دعمه الكامل للتكامل الاقتصادي التدريجي بين دول التحالف.
وحث الوفود على مواصلة العمل بالاعتماد على الموارد الداخلية وتعزيز التعاون المبني على التضامن. وأكد أن هذه الجهود ستسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقلال الاقتصادي للدول الأعضاء.
ويأتي هذا الاجتماع في أعقاب قرار تحالف دول الساحل بالانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) في يناير 2024، وهو القرار الذي تم تأكيده في 28 يناير 2025.
وقد أسس التحالف، الذي يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو، في سبتمبر 2023 بموجب ميثاق ليبتاكو-غورما، بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني بين الدول الأعضاء.
ويعمل أعضاء تحالف دول الساحل على تنفيذ عدة مشاريع اقتصادية مشتركة تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي، وشملت المناقشات جوانب فنية مثل التقارب المالي، وإزالة الحواجز الجمركية الداخلية، وتوحيد الأطر القانونية للاستثمارات، وتنسيق السياسات الميزانية.
في يناير 2025، وقعت غرف التجارة والصناعة والزراعة في الدول الثلاث اتفاقية في واغادوغو لتحفيز التجارة البينية، وتأتي هذه المبادرة في ظل انخفاض حجم التجارة بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، والتي لم تمثل سوى 4.6% من إجمالي تجارتها الخارجية في عام 2022، وفقاً لصندوق النقد الدولي.
في مجال الطاقة، تعمل الدول الثلاث على مشاريع الربط الكهربائي، بما في ذلك مشروع خط الجهد العالي “دورسال نورد”، الذي يدعمه البنك الدولي.
ويبلغ طول هذا الخط 913 كيلومتراً، ويهدف إلى تحسين فرص الحصول على الكهرباء في بوركينا فاسو والنيجر، مع خفض تكاليف الإنتاج بنسبة 40%، وفقاً لتقديرات مجموعة الطاقة في غرب إفريقيا (WAPP).
وقد استفاد أكثر من 30 ألف شخص في المناطق الريفية في بوركينا فاسو من هذا المشروع اعتباراً من أكتوبر 2024.
كما تعمل النيجر على تطوير سد كانداجي لتوليد الطاقة الكهرومائية على نهر النيجر، والذي من المتوقع أن يبدأ تشغيله في عام 2025.
وبقدرة 130 ميجاوات، سيزيد هذا المشروع من قدرة توليد الكهرباء في البلاد بأكثر من 50%، وسيوفر أيضاً برنامج ري يغطي 45 ألف هكتار من الأراضي الزراعية.
في فبراير 2025، قدمت دول التحالف نظام “التجوال المجاني” بين أراضيها، مما يسمح لأكثر من 12 مليون مستخدم بالاستفادة من خدمات الهاتف المحمول دون تكاليف إضافية عند السفر بين الدول الأعضاء، وتأتي هذه الخطوة لتعزيز التكامل في قطاع الاتصالات.
تجري أيضاً مناقشات حول إنشاء عملة مشتركة لدول التحالف، يُطلق عليها مؤقتاً اسم “الساحل”، وعلى الرغم من عدم تحديد جدول زمني رسمي بعد، فقد بدأت وزارات المالية في الدول الثلاثة أعمال استكشافية لدراسة إمكانية إصدار هذه العملة.
تُظهر هذه الجهود التزام دول تحالف الساحل ببناء إطار اقتصادي مستقل يعزز التعاون الإقليمي ويقلل الاعتماد على المؤسسات الدولية، ومن المتوقع أن تسهم هذه المشاريع في تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة في المنطقة.